الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا متزوج منذ 10 سنوات وعندي طفلان صغيران وكانت حياتي مستقرة في زواجي إلى أن حدثت أمور ومشاكل كثيرة قمت بتطليق زوجتي في خلال العامين الأخيرين من الزواج ثلاث مرات، الطلقة الأولى والثانية كنت مجبرا فيهما على طلاق زوجتي وكان الطلاق إكراها وغصبا ولم تكن نيتي فيهما الطلاق إطلاقا ولكن لكي تهدأ ثورة زوجتي وقد راجعتها في حينيها بعد أن هدأت واستمرت الحياة بيننا لمدة عامين، والطلقة الثانية كانت بعد جماع ولا أتذكر هل حدث الطلاق بعد الطهر أو قبله لي ولزوجتي وراجعت أيضا زوجتي فيها بعد الطلاق الذي حدث في الجماع بساعة على الأقل، فهل يقع هذا الطلاق أم لا؟ وهل وقع الطلاق في المرتين؟ وأصبحت الطلقة الأخيرة هي الثالثة الآن، وهل يجوز إرجاع زوجتي حاليا أم أصبح طلاقا بائنا؟ أرجو الإجابة ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فطلاق المكره لا يقع إذا توفرت فيه الضوابط التي سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 156715.

وعند الرجوع لضوابط الإكراه المانع من الطلاق يتبين أن ما ذكره السائل من تهدئة ثورة زوجته لا يدخل في ضابط طلاق المكره المانع من الطلاق ولا يسمى طلاق إكراه، كما أن إنشاء الطلاق بلفظ صريح فيه يجعله واقعا ولو كان من غير قصد إيقاعه، جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: وجملة ذلك أن الصريح لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد، فمتى قال: أنت طالق أو مطلقة، أو طلقتك وقع من غير نية بغير خلاف. انتهى.

وعليه، فإن كنت قد تلفظت بالطلاق الصريح في المرة الأولى والثانية فقد لزمتك طلقتان، أما إن كنت قد تلفظت بكناية طلاق في المرة الأولى أو الثانية فلا يلزمك بالكناية شيء إذا كنت لا تنوي إيقاع طلاق، وكناية الطلاق هي كل لفظ يحتمل الفرقة وغيرها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 78889.

وبخصوص الطلقة الواقعة بعد طهر حصل فيه جماع فهي نافذة عند الجمهور ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ وهو القول الراجح، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أهل العلم بعدم وقوعه، لكونه طلاقا بدعيا محرما، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 110547.

وبخصوص ما ذكرته من أنك لا تتذكر هل حدث الطلاق بعد الطهر أو قبله لك ولزوجتك، فالظاهر أنك تقصد به الطهر من الجنابة بدليل قولك: بعد الطهر أو قبله لي ولزوجتي... وقولك: وراجعت أيضا زوجتي فيها بعد الطلاق الذي حدث في الجماع بساعة على الأقل... وعلى هذا نفيدك أنه لا أثر للطهر من الجنابة على وقوع الطلاق أو عدم وقوعه، وإنما الخلاف بين أهل العلم هو فيما إذا كان الطلاق قد حصل قبل أن تحيض زوجتك وتطهر من الحيض بعد جماعك لها، وشيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه لا يرون وقوعه في هذه الحالة، والجمهور يرون وقوعه، وبناء على ما سبق من التفصيل فإن كان الطلاق قد لزمك ثلاثا فقد حصلت البينونة الكبرى ولا يصح ارتجاعك لزوجتك، بل لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول، وإن كان الطلاق أقل من ثلاث فلك أن ترتجع زوجتك في العدة، وسبق أن بينا ما تحصل به الرجعة في الفتوى رقم: 30719.

وإن انقضت العدة بلا ارتجاع فلك أيضا ارتجاعها، لكن بعقد جديد تتوفر معه جميع أركان النكاح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني