الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طلب العلم من عالم مخالف في بعض الجزئيات

السؤال

أحسن الله إليك صاحب الفضيلة وهذا السائل يقول: أنا في مكان يقل فيه العلماء جدا وهم يعدون على الأصابع. الخلاصة أني الآن أدرس عند أحد المشايخ جاء من سوريا أحكام التلاوة، وبينا أنا على ذلك جاء أحد الإخوة ونهى عن التعلم عنده لأنه إخواني، وبنى اتهامه أنه يعرفه منذ الصغر، وأنه كان يذهب معهم للمخيمات وأنهم يستعملون الدين في الوصول إلى المناصب. الخلاصة أن الرجل جاء وجمع عنده شبا كثر يطلبون العلم بدل جلوسهم في آخر المسجد والتكلم في الدنيا، كما أنه يقصر من لحيته وأنه مسبل قليلا، فنهاني الإخوة عن التعلم عنده لأن في ذلك إقرارا له لما هو عليه، وأني قدوة للناس فإن رأوني ساكتا عليه سكتوا على من مثله، أو قالوا فلان يدرس عند الشيخ اذن الشيخ جيد ولو خالف وأنا استفيد منه كثيرا ولكن إن رأيتم أن فيه شيئا من الكراهة أو الشبهة تركته ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا نلفت انتباهك أولا إلى هذا المسلك في التعامل مع المخالف خطأ بلا شك، وقد بينا ذلك في فتاوى لنا سابقة منها الفتويين التاليتين: 164335، 111684

وبخصوص السائل فإنا نقول له: ما دمت تستفيد كثيرا من أستاذ التجويد المذكور فاحرص على الاستفادة منه والتعاون معه على تحقيق ما هو متفق على أهميته من تعلم تجويد القرآن، فتعلم التجويد من الأمور الحسنة وشعار المسلم في المشاركة في الأعمال الصالحة الحسنة هو ما في صحيح البخاري : أن عثمان بن عفان رضي الله عنه لما حصر صلى بالناس شخص، فسأل سائل عثمان: إنك إمام عامة، وهذا الذي صلى بالناس إمام فتنة؟ فقال: يا ابن أخي إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم. اهـ
ولا تنس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرع التعلم لما هو مفيد من الكفار - فكيف بالمسلمين - فقد فادى بعض أسارى المشركين الذين أسروا في غزوة بدر بتعليم جماعة من أبناء الصحابة الكتابة، كما ذكره ابن حجر في الفتح، وابن القيم في زاد المعاد.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يكن لأناس من أسارى بدر فداء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة. رواه البيهقي في السنن وابن سعد في الطبقات.
وليعلم الأخ السائل أن الخطأ في بعض الجزئيات الذي لا يسلم منه غير المعصوم لا يبرر ترك الاستفادة من المخطئ بسبب خطئه إذا سلمنا أنه مخطئ، وإنما يترك تقليده فيما خالف فيه الصواب، إذ لو ترك الناس الاستفادة من كل من أخطأ في منهجه لضاع كثير من العلم، وقد ذكر الذهبي في الميزان عند كلامه على المبتدعة: أن التشيع بلا غلو ولا تحرق كان كثيراً في التابعين وأتباعهم، قال: فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية وهذه مفسدة بينة. اهـ
وقد قامت جامعة الإمام في المملكة على جهود الإخوان المسلمين القادمين من مصر وسوريا ولم نسمع أن المحققين من كبار العلماء بالمملكة طالبوا بمنعهم من التدريس بها.
وقد استقدم الشيخ ابن باز رحمه الله لتدريس القراءات بالمدينة بعض المشايخ المتخصصين في الفن ولم يمنعه من ذلك ما يلاحظ على بعضهم في الأمور العقدية .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني