الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأحكام المترتبة على وقوع الطلاق الثلاث المعلق

السؤال

منذ أربع سنوات وفي حالة من الغضب الشديد حلفت على زوجتي طلاقا بالثلاثة إن خرجت من البيت دون إذني، وخرجت اليوم وأنا موجود بالبيت وأنا أعلم، ولكن دون أن تستأذني بهدف إيقاع الطلاق، فهل وقع الطلاق؟ وإن وقع، فهل طلقة واحدة أم ثلاث؟ وهل تبقى بالمنزل أم تغادره؟ وهل أصرف عليها وعلى بناتي أم لا؟ وإذا كان لها أن تبقى في البيت فهل أبقى أنا أيضا؟ وهل تقوم بخدمتي أم لا؟ وما مدة العدة؟ أعتذر لكثرة الأسئلة، وجزاكم الله عني خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسؤالك قد تضمن عدة أمور نجيبك عليها بالتفصيل كما يلى:

1ـ خروج زوجتك بدون إذن منك قاصدة تحنيثك لا يمنع وقوع الطلاق عند الجمهور، وإذا قلنا بوقوعه فهو يقع ثلاثا وبذلك تحرم عليك حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا - نكاح رغبة لا نكاح تحليل - ثم يطلقها بعد الدخول، وقال البعض بعدم وقوع الطلاق معاملة للزوجة بنقيض قصدها، وهو مذهب بعض المالكية، وقد رجحه الإمام ابن القيم ولم نقف على قول لشيخ الإسلام ابن تيمية بخصوص هذه المسألة، وراجع الفتوى رقم: 164235.

مع أن مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية لزوم كفارة يمين إن كنت لا تقصد طلاقاً، وإن قصدته لزمتك طلقة واحدة، ولك في هذه الحالة مراجعة زوجتك قبل تمام عدتها إن لم يكن هذا الطلاق مكملاً للثلاث، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 12933.

2ـ علمك بخروج زوجتك وعدم منعها لا يعتبر إذنا ولا يمنع وقوع الطلاق، جاء في الذخيرة للقرافي المالكي: وإن حلف لا خرجت إلا بإذني فرآها تخرج ولم يمنعها حنث. انتهى.

3ـ على القول بوقوع الطلاق فعلى زوجتك العدة، لعموم قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ {البقرة:228}.

فإن كانت ممن تحيض فإن عدتها تكون بثلاث حيضات، أما إذا كانت ممن لا تحيض فإن عدتها ثلاثة أشهر، أو كانت حاملاً فعدتها وضع حملها كله، قال الله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ.. {الطلاق:4}.

4ـ يجب على زوجتك البقاء في بيت الزوجية فلا تخرج منه قبل انقضاء عدتها إلا لعذر يبيح خروجها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 159461.

5ـ يجوز لك البقاء في بيتك مع وجود زوجتك المعتدة من الطلاق البائن، إذا كانت زوجتك تستقل بغرفة وحدها لها مدخل ومخرج مختصان بها، مع وجود مرافق مستقلة من حمام ومطبخ ونحو ذلك، ولا يجوز سكناها معك في منزل واحد بدون توفر هذه الشروط، ففى الموسوعة الفقهية: فلو كانت دار المطلِّق متسعة لهما، وأمكنها السكنى في غرفة منفردة، وبينهما باب مغلق أي بمرافقها وسكن الزوج في الباقي جاز، فإن لم يكن بينهما باب مغلق ووجد معها محرم تتحفظ به جاز، وإلا لم يجز. انتهى.

ولا يلزم زوجتك أن تخدمك بعد أن طلقتها، بل تعتبر أجنبية منك فلا تجوز الخلوة بها ولا رؤيتها إلا مع الحجاب الكامل.

6ـ جمهور أهل العلم على أنه لا نفقة لزوجتك أثناء عدتها من الطلاق البائن إلا إذا كانت حاملا فلها النفقة مدة الحمل، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 47983.

7ـ يجب عليك توفير مسكن لبناتك، وأن تنفق عليهن حتى يتزوجن جميعا، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 25339.

8ـ الطلاق أثناء الغضب الشديد يعتبر نافذا إن كان الزوج يعي ما يقول، فإن كان لا يعي ما يقول فلا يلزمه شيء لارتفاع التكليف عنه، وراجع الفتوى رقم: 35727.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني