الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق المعلق.. حكمه.. ومستنده

السؤال

شيخي الجليل قرأت مؤخرا كتاب نظام الطلاق في الإسلام للشيخ أحمد محمد شاكر .وهو من أعظم الكتب التي قرأتها في هذا الباب الخطير، وقد أنكر الشيخ وقوع الطلاق المعلق على شرط. فهل إذا أخذت برأي الشيخ أأثم أم يجوز الأخذ به؟
هل هناك حديث نبوي واحد بهذا النوع من الطلاق أو آية قرآنية بهذا الخصوص؟
أرى أن موضوع الطلاق من الموضوعات الهامة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان ليترك موضوع الطلاق المعلق دون توضيح .
غالبية الفتاوى تقول إجماع العلماء أو رأي الجمهور دون أن يذكروا حديثا شريفا يستند إليه هذا الجمهور ولا آية قرآنية فمن أين أتى هذا الإجماع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق المعلّق الذي لا يقصد به إيقاع الطلاق وإنما يقصد به التهديد أو المنع أو الحث قد اختلف أهل العلم في حكمه، فالجمهور على أنهّ يقع إذا وقع ما علّق عليه -وهو المفتى به عندنا- خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمّية الذي يرى عدم الوقوع في هذه الحال، وأنّه يمكن حلّه بكفارة يمين، وانظر الفتوى رقم : 19162

أما الطلاق المعلّق الذي قصد به الطلاق فيقع به الطلاق عند وقوع ما علق عليه عند عامة العلماء، وخالف في ذلك ابن حزم (رحمه الله) فقال بعدم الوقوع ، مع أن بعض العلماء نقل الإجماع على الوقوع ومنهم ابن حزم نفسه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) : " ..." والثاني " وهو أن يكون قصد إيقاع الطلاق عند الصفة . فهذا يقع به الطلاق إذا وجدت الصفة كما يقع المنجز عند عامة السلف والخلف، وكذلك إذا وقت الطلاق بوقت ؛ كقوله : أنت طالق عند رأس الشهر . وقد ذكر غير واحد الإجماع على وقوع هذا الطلاق المعلق ولم يعلم فيه خلافا قديما ؛ لكن ابن حزم زعم أنه لا يقع به الطلاق وهو قول الإمامية مع أن ابن حزم ذكر في " كتاب الإجماع " إجماع العلماء على أنه يقع به الطلاق " مجموع الفتاوى.

وهذا نص كلام ابن حزم في كتابه (مراتب الإجماع) : " واتفقوا أن الطلاق الى أجل أو بصفة واقع ان وافق وقت طلاق، ثم اختلفوا في وقت وقوعه فمن قائل الآن ومن قائل هو إلى أجله " مراتب الإجماع لابن حزم.

وأما مستند الإجماع أو الجمهور في المسألة فالذي نعلمه من ذلك بعض الآثار الثابتة عن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- فمن ذلك ما رواه البخاري (رحمه الله) في صحيحه قال : وَقَالَ نَافِعٌ: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ البَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ» صحيح البخاري.

واعلم أن الإنسان إذا كان من أهل الاجتهاد فإنه يعمل بما ترجح عنده بالدليل الشرعي، وإن كان ممن يستطيع الوقوف على أدلة كل مذهب في المسألة والترجيح بينها، فهذا يلزمه العمل بما تظهر له قوته من دليل في أي مذهب كان، وأما من كان من العوام، فإنه يجوز له تقليد مذهب معين والعمل بما فيه، كما يجوز له أن لا يقلد مذهباً، وما أشكل عليه سأل عنه من يثق في علمه دون اتباع للهوى أو تتبّع للرخص ، وانظر الفتاوى ذوات الارقام التالية : 17519، 6787، 5583

و الذي نراه في هذه المسألة – والله أعلم- أنه لا يسوغ تقليد من يقول بعدم وقوع الطلاق المعلق مطلقا لما نقل من الإجماع على خلافه ، وانظر الفتوى رقم : 143987

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني