الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تأديب الولد البالغ بالضرب والشتم

السؤال

هل يجوز للأب التحكم في حياة الابن؟ فأنا طالب أقطن في إحدى الدول الغربية، وأود أن تُساعدوني في فهم أحد الأشياء وهو: هل يجوز للأب ضرب ابنه البكر حتى لو كان هذا الابن يبلغ 20 سنة؟ وهل يجوز أن يشتمه يومياً بلا رحمة على الأشياء الصغيرة؟ الوالد لم يأمرني بأي معصية، ولكن حياتي لم أستطع أن أتحملها من كثرة الشتائم.
أود أن أعرف شيئاً واحداً: في أي سن يصل الإنسان المسلم للبلوغ؟ ومتى تنتهي سيطرة الوالد على ابنه؟ الرجاء الرد، لأن هذا الأمر بدأ منذ ثلاث سنوات إلى الآن.
الرجاء ساعدوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا بلغ الولد وكان رشيداً، فلا حضانة عليه، وله أن يستقل بمعاشه لكن عليه بر أبويه.

قال ابن قدامة في المغني: فأما البالغ الرشيد، فلا حضانة عليه، وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه، فإن كان رجلا، فله الانفراد بنفسه، لاستغنائه عنهما، ويستحب أن لا ينفرد عنهما، ولا يقطع بره عنهما. اهـ.

وقد سبق بيان علامات البلوغ في الفتوى: 10024.

أما تأديب الأب لولده البالغ بالضرب والشتم، فقد اختلف أهل العلم في حكمه.

قال ابن مفلح (الحنبلي) في الفروع وتصحيح الفروع: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يُؤَدَّبُ الْوَلَدُ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا مُزَوَّجًا مُنْفَرِدًا فِي بَيْتٍ. اهـ.

وقال الشربيني (الشافعي) في مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: للْأَبِ وَالْأُمِّ ضَرْبُ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ زَجْرًا لَهُمَا عَنْ سَيِّئِ الْأَخْلَاقِ وَإِصْلَاحًا لَهُمَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَمِثْلُهُمَا السَّفِيهُ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ: وَلَيْسَ لِلْأَبِ تَعْزِيرُ الْبَالِغِ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ.

وعلى القول بجواز ضرب الولد البالغ وشتمه لتأديبه، فينبغي أن يكون ذلك آخر وسائل التأديب ولا يصار إليه إلا عند الضرورة ورجاء الإفادة والمصلحة، مع مراعاة ضوابط تأديب الوالد ولده التي بيناها في الفتوى: 14123، و الفتوى: 53765، والأرقام المحال عليها فيها.

ومهما كان حال الوالد، فإن له حقاً على ولده، وتجب على الولد طاعته ما لم يأمره بمعصية أو بما يضر بالولد، وراجع حدود طاعة الوالدين في الفتوى: 76303.

واعلم أن بر الوالد من أعظم أسباب رضوان الله ودخول الجنة، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني