الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يسقط بر الوالدين وإن ظلما أبناءهما

السؤال

لي أختان وأخ، عندما توفيت أمي بقيت أنا وأختي في البيت، وانتقل أخي ليدرس في مدينة تبعد 250 كم عن منزلنا.
وبعد سنة تزوجت أختي وبقيت مع أبي في البيت، فما كان منه إلا أن طلب مني أن أذهب للعيش مع أخي في المدينة التي تبعد 250 كم ليتسنى له الزواج في منزلنا.
غير أنني رفضت؛ لأن هذه المدينة خطيرة تكثر فيها السرقات وتكلفة الحياة باهظة والمرافق بعيدة عن بعضها البعض، ولا أود العيش في تلك المدينة لعدة أسباب إضافة أني اعتبرت منزل أبي هو حق أمي المتوفاة، ولي حق أن أبقى فيه لقوله سبحانه وتعالى: ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) فإن أراد أن يتزوج بثانية فعليه أن يقتني لها بيتا آخر. فهل يجوز ذلك ؟ أم يعد ذلك من العقوق؟
وبقيت في منزل أبي وما فتئ أبي ينغص علي حياتي وينعتني بأبشع النعوت إلى أن تعكرت حالتي النفسية، وذهبت إلى طبيب نفساني الذي تبين أنه ساحر، وقررت العيش بمفردي وكان أبي مسرورا بذلك ، إذ رزقني الله بعمل ولله الحمد، فانتقل معي أبي إلى منزلي الجديد وبعد سنة من البحث عن زوجة تزوج وتخلى عني تدريجيا، كان يشتري لي بعض الأغراض من السوق ويأتي يصيح ويزمجر هيا اعطني ثمن المشتريات رغم أنه يتقاضى قرابة 3 أضعاف راتبي ورغم أني أدفع الإيجار،وفي المدة الأخيرة تخلى عني نهائيا حتى أنني عندما أتصل به هاتفيا لا يرفع السماعة أو يغلق الخط في وجهي، رغم أني أعطيته نقودا كنت ورثتها عن أمي ليشتري هدايا لزوجته الثانية، وعندما مرضت واحتجت هذا المال طلبت منه مساعدتي رفض وقال لا أملك نقودا.
لكني أقر أنني عندما مرض لم أزره، وفي العيد أيضا لأنني عندما أذهب إلى منزل أبي تتعكر حالتي الصحية، وأظن أن بها سحرا وهو يعلم ذلك جيدا غير أنني كنت أتصل به لأطمئن على حاله.
هل يجوز ذلك أم لا ؟ هل يعد ذلك من العقوق ؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.
هل يجوز لأبي أن يفعل بي ذلك؟ كيف أتصرف مع أبي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما يتعلق بموقف أبيك من الإنفاق عليك ومنعك من السكن في بيته قد أجبناك عنه في الفتوى رقم : 139945.

وأما بخصوص ترك زيارة والدك بالكلية فهو غير جائز من غير عذر، وإذا تأذى الوالد منه فهو عقوق من كبائر الذنوب ، وانظري الفتوى رقم : 99048.

أما إذا كنت تتضررين من زيارته ضررا محققا فلا يكون امتناعك من زيارته عقوقا ما دمت تصلينه بالهاتف ونحوه، مع التنبيه إلى أنّه لا ينبغي التسرع في نسبة ما يعرض لك عند زيارة والدك إلى السحر ونحوه، لكن إذا كانت هناك دلائل على وجود سحر فعلاجه ميسور بإذن الله تعالى بالمحافظة على الأذكار والرقى المشروعة مع التوكّل على الله ، وراجعي في ذلك الفتويين: 2244، 10981.

وفي الأخير نذكرك بأن حق أبيك عليك عظيم مهما كان حاله وأن بره من أعظم أسباب رضوان الله ودخول الجنة، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي. فننصحك بأن تغيري أسلوبك مع أبيك مهما كان حاله معك، وأن لا تدعي للشيطان سبيلا يزيد بها اتساع الهوة بينك وبين أبيك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني