الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى: (دعوى الجاهلية) وحكم لطم الخدود مزاحا

السؤال

ما المقصود بدعوى الجاهلية المذكورة في الحديث: ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية؟ وهل لطم الخدود أثناء المزاح يندرج تحت هذا الحديث أيضا والذي لا يقصد بفعله اعتراض على القدر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث ثابت في الصحيحين وغيرهما، وقد اشتمل على النهي عن بعض الأمور التي كانت تفعل في الجاهلية عند الحزن على الميت وتدل على الجزع والتسخط على أقدار الله تعالى وعدم الرضا بقضائه، والمقصود بدعوى الجاهلية ـ الوارد في هذا الحديث ـ النياحة والدعاء بالويل والثبور ونَدب الميت كأن يقول الشخص قاصدا الميت: ياجبلاه، أو انقطاع ظهراه ـ جاء في فتح الباري لابن حجر: قوله: ودعا بدعوى الجاهلية ـ في رواية مسلم بدعوى أهل الجاهلية أي من النياحة ونحوها وكذا الندبة كقولهم واجبلاه وكذا الدعاء بالويل والثبور. انتهى.

وفى شرح رياض الصالحين للشيخ ابن عثيمين: فالواجب على الإنسان أن يتصبر ويحتسب الأجر عند الله، ويعلم أن عظم الثواب من عظم المصاب، وأنه كلما عظمت المصيبة كثر الثواب. أما حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من شق الجيوب وضرب الخدود ودعا بدعوى الجاهلية ـ وهذا شيء يفعله الناس في الجاهلية إذا أصابتهم مصيبة شق جيبه أو جعل يلطم خده ينتف شعره أو يدعو بدعاء الجاهلية يا ويلاه يا ثبوراه يا انقطاع ظهراه وما أشبه ذلك فتبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء، لأن المؤمن مؤمن القلب بالله مؤمن بقضاء الله يعلم أنه لا يمكن أن تتغير الحال عما كان وأن هذا أمر قضي. انتهى.

أما لطم الخدود من باب المزاح وليس من باب الحزن فلا يشمله النهي الوراد في الحديث، لأن لطم الخدود المقصود به ما دل على الجزع على الميت والتسخط على قدر الله تعالى، جاء في إرشاد الساري للقسطلاني: وهذا يدل على تحريم ما ذكر من شق الجيب وغيره، وكأن السبب في ذلك ما تضمنه من عدم الرضا بالقضاء. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني