الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل دعا موسى عليه السلام على فرعون أربعين سنة؟

السؤال

انتشر بين الناس ما نصه: هل تعلم أن النبي موسى ـ عليه السلام ـ قام بالدعاء على فرعون 40 عاما؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالوارد في بعض الآثار بحسب ما اطلعنا عليه أنه استجيب له بعد أربعين سنة، لا أنه مكث يدعو أربعين سنة، فقد روى بعض المفسرين من الصحابة فمن بعدهم عند قوله تعالى: وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ {يونس: 88}.

قال السيوطي في الدر المنثور: أخرج ابن المنذر عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: يزعمون أن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة، وأخرج ابن جرير عن ابن جريج مثله، وأخرج الحكيم الترمذي عن مجاهد ـ رضي الله عنه ـ في قوله: قال قد أجيبت دعوتكما ـ قال: بعد أربعين سنة. اهـ.

وقال الزمخشري في تفسيره: المعنى: إنّ دعاءكما مستجاب، وما طلبتما كائن، ولكن في وقته فَاسْتَقِيما فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة والزيادة في إلزام الحجة، فقد لبث نوح عليه السلام في قومه ألف عام إلا قليلا، ولا تستعجلا، قال ابن جريج: فمكث موسى بعد الدعاء أربعين سنة. اهـ.

وذكر مثله: الرازي والبيضاوي وابن عادل، وغيرهم.

وقال السمرقندي في تفسيره: قال مقاتل: فمكث موسى بعد هذه الدعوة أربعين سنة، وهكذا روى الضَّحَّاك: أن الإجابة ظهرت بعد أربعين سنة، وقال بعضهم: بعد أربعين يوما، وقال بعضهم: كان هذا الدعاء حين خرج موسى ببني إسرائيل وأيس من إيمانهم. اهـ.

والمراد بهذا الأثر أن استجابة الدعاء لا يلزم أن يكون فوريا، وإنما يكون في الوقت الذي تقتضيه حكمة الله، فلا ينبغي للداعي أن يستعجل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني