الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قيود المحدثات المتعلقة بالدين

السؤال

ما هو الرد على من يقول بضرورة الأخذ بعكس الحديث الذي يقول: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد؟؟ يعني يقولون والعكس أيضًا صحيح من أحدث في أمرنا هذا ما هو منه فهو مقبول، ويؤصلون أن الدعاء بعد الصلاة بـ: حرمًا وجمعًا له أصل وهو الدعاء على أساس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد صيغة للدعاء ولا يكون بغيرها؟؟؛

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبق لنا شرح هذا الحديث في الفتوى رقم: 111180. ونبهنا فيها على صحة الاستدلال بمفهوم هذا الحديث. ولزيادة الإيضاح نقول: إن موافقة أمر النبي صلى الله عليه وسلم تكون عامة في العموم، وخاصة في الخصوص، بمعنى أن السنة إن ثبت بها حكم عام أو مطلق، فتخصيصه أو تقييده بزمان أو مكان أو حال أو عدد معين، على وجه المواظبة والاستحباب يكون من البدع، وإن كان أصله مشروعا، وهذا ما يعرف بالبدعة الإضافية، وقد سبق لنا بيان ضابطها في الفتوى رقم: 99061. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 125936، 127224.
وأما الأمور المحدثة التي يدل عليها دليل شرعي عام أو خاص فلا تدخل في حد البدعة الشرعية المذمومة.

قال الدكتور محمد الجيزاني في كتابه (قواعد معرفة البدع): للبدعة الشرعية قيود ثلاثة تختص بها، والشيء لا يكون بدعة في الشرع إلا بتوفرها فيه، وهي: 1- الإحداث . 2- أن يضاف هذا الإحداث إلى الدين . 3- ألا يستند هذا الإحداث إلى أصل شرعي ؛ بطريق خاص أو عام .اهـ.
ثم أوضح هذه القيود الثلاثة، فقال في القيد الثالث: الدليل على هذا القيد قوله صلى الله عليه وسلم: "ما ليس منه" وقوله: "ليس عليه أمرنا". وبهذا القيد تخرج المحدثات المتعلقة بالدين مما له أصل شرعي عام أو خاص، فمما أُحدث في الدين وكان مستندًا إلى دليل شرعي عام: ما ثبت بالمصالح المرسلة؛ مثل جمع الصحابة رضي الله عنهم للقرآن. ومما أُحدث في هذا الدين وكان مستندًا إلى دليل شرعي خاص: إحداث صلاة التراويح جماعة في عهد عمر رضي الله عنه، فإنه قد استند إلى دليل شرعي خاص. ومثله أيضًا إحياء الشرائع المهجورة. والتمثيل لذلك يتفاوت بحسب الزمان والمكان تفاوتًا بيِّنًا، ومن الأمثلة عليه ذكر الله في مواطن الغفلة. وبالنظر إلى المعنى اللغوي للفظ الإحداث صحَّ تسمية الأمور المستندة إلى دليل شرعي محدثات؛ فإن هذه الأمور الشرعية اُبتدئ فعلها مرة ثانية بعد أن هُجرت أو جُهلت، فهو إحداث نسبي. ومعلوم أن كل إحداث دل على صحته وثبوته دليل شرعي فلا يسمى - في نظر الشرع - إحداثًا، ولا يكون ابتداعًا؛ إذ الإحداث والابتداع إنما يطلق - في نظر الشرع - على ما لا دليل عليه. اهـ.
وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتمسك بسنته وسنة خلفائه الراشدين من بعده، وحذرنا من البدع والمحدثات، وأنبأنا بأنها ستكون في أمته من بعده، فقال: إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الترمذي والألباني، وراجع للفائدة الفتويين: 17309، 95594.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني