الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صيام من لم ينو من الليل وهل يقضي إن أفطر ظانا أنه لم يبلغ فتبين العكس

السؤال

ما الحكم فيمن كان يصوم رمضان بلا تبيت النية من الليل ويفطر في بعض الأحيان وذلك لأنه يعتقد أنه يسعه أن يفطر ـ اعتقد أنه لم يبلغ ـ فهل عليه قضاء رمضان كله؟ أم فقط الأيام التي أفطر فيها؟ وهل عليه كفارة إذا دخل رمضان الآخر ولم يكمل القضاء؟. 

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اشتمل سؤالك على ثلاث مسائل:

1ـ عدم تبييت النية لصوم رمضان، وهذا من مبطلات الصيام عند الجمهور حيث قالوا لا بد من إيقاع النية في الليل قبل طلوع الفجر، ولم يشترط ذلك الحنفية حيث قالوا بصحة الصيام إذا حصلت النية بعد طلوع الفجر، جاء في الموسوعة الفقهية: التبييت: وهو شرط في صوم الفرض عند المالكية والشافعية والحنابلة، والتبييت: إيقاع النية في الليل، ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، فلو قارن الغروب أو الفجر أو شك، لم يصح، كما هو قضية التبييت... إلى أن قال: والحنفية لم يشترطوا التبييت في رمضان، ولما لم يشترطوا تبييت النية في ليل رمضان، أجازوا النية بعد الفجر دفعا للحرج أيضا، حتى الضحوة الكبرى، فينوي قبلها ليكون الأكثر منويا، فيكون له حكم الكل، حتى لو نوى بعد ذلك لا يجوز، لخلو الأكثر عن النية، تغليبا للأكثر، والضحوة الكبرى: نصف النهار الشرعي، وهو من وقت طلوع الفجر إلى غروب الشمس. انتهى.

وما ذكرناه إنما هو فيمن ترك النية حقيقة، وأما من كان في عزمه أنه سيصبح صائما فهذا يعتبر مبيتا للنية والنية لا تحتاج إلى كبير جهد، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 164837.

2ـ الفطر في رمضان مع اعتقاد عدم البلوغ, والحكم في هذا أن صاحبه لا يأثم بالفطر لكن يجب عليه قضاء ما أفطره إذا تبين أنه كان بالغا في الزمن الذي ترك فيه الصوم، جاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى: من أفطر أياماً من رمضان لغير عذر، وإنما جهلاً منه بوجوب صيام الشهر كله فماذا يلزمه؟ فأجاب فضيلته بقوله: يلزمه القضاء، لأن عدم علم الإنسان بالوجوب لا يسقط الواجب، وإنما يسقط الإثم، فهذا الرجل ليس عليه إثم فيما أفطره، لأنه جاهل، ولكن عليه القضاء. انتهى.

وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 35393.

فتبين مما تقدم أن القضاء واجب في الأيام التي أفطرها الشخص معتقدا عدم بلوغه إن كان بالغا في الواقع، إضافة إلى قضاء الأيام التي لم يبيت فيها نية الصيام على القول الراجح الذي هو مذهب الجمهور ولا تلزم الكفارة الكبرى، لأنها لا تترتب على القول الراجح إلا بالجماع عمدا في نهار رمضان، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 70653، ورقم: 146749.

3ـ تأخير قضاء رمضان جهلا حتى حلول رمضان الذي بعده, فهذه الحالة لا تلزم فيها كفارة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 66739.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني