الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج من سيطرت عليه الشهوة والعادة السرية

السؤال

أنا أحمد من مصر، طالب في الأزهر في المرحلة الإعدادية عمرى13 سنة، وأنا من أسرة ملتزمة، شجعتني على حفظ القرآن إلى أن حفظته كاملا والحمد لله، وأنا على علم كثير بأمور الدين، والأمور الفقهية وعلوم الشريعة والأحاديث، وكنت متفوقا في الدراسة وأحافظ على الصلوات، ولكن ابتليت منذ البلوغ بشدة الشهوة حتى جرني الشيطان إلى المعاصي وشاهدت المحرمات على النت والزناة، ووقعت مؤخرا في مصيبة عظيمة بجانب الفيديوهات الإباحية وهي العادة السرية، وأنا دائما في حالة توبة ومعصية، ولكن في الفترة الأخيرة أصبحت حالة التوبة عندي قصيرة وبدأت أحس بموت القلب، وأنا في حالة التوبة يطاردني ما رأيته، وقد جربت جميع الأشياء المفيدة في تخفيف الشهوة، فشربت بعض الأعشاب، وصمت أكثر من يومين في الأسبوع ولكن بلا فائدة، وأنا الآن في حالة اكتئاب نفسي وضيق شديد وحزن شديد في القلب، وهذا يحدث لي دائما وأنا في حالة التوبة لدرجة أني أتمنى الموت قبل العودة إلى المعاصي، وأنا في حالة فتور عن الطاعة، ومنذ ختمت حفظ القرآن لا أقرؤه إلا نادرا، وأذهب إلى الصلوات متأخرا، وأرجو من الله أن ينفعني بكم وسائر شباب المسلمين، ولكن أرجو الرد السريع فأنا في أسوإ حال، مع العلم أنه لا يمكن نقل الكمبيوتر من الغرفة إلى مكان عام بسبب عدم وجود مكان مناسب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم هداك الله أن الشيطان للإنسان عدو مبين، فهو لا ينفك يوسوس له ويريد أن يصده عن سبيل الخير والاستقامة، والواجب على العاقل أن يأخذ حذره منه وأن يتحرز من كيده ومكره، فعليك أيها الأخ الكريم أن تعلم أن الله أنعم عليك نعمة عظيمة بأن من عليك بحفظ كتابه، وهيأ لك أسرة ملتزمة تعينك على طاعة الله وتحثك على مرضاته، فليكن شكر نعمة الله عليك مزيدا من طاعته رجاء أن تدوم عليك هذه النعمة، قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7}. وإياك إياك والتقصير في مراجعة القرآن فإن ذلك يعرضك لنسيانه عياذا بالله، ثم اعلم أن الواجب على حامل القرآن من التمسك بآدابه والاهتداء بهديه أعظم مما يجب من ذلك على غيره، ولذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إِذِ النَّاسُ نَائِمُونَ وَبِنَهَارِهِ إِذِ النَّاسُ مُفْرِطُونَ، وَبِحُزْنِهِ إِذِ النَّاسُ يَفْرَحُونَ، وَبِبُكَائِهِ إِذِ النَّاسُ يَضْحَكُونَ، وَبِصَمْتِهِ إِذِ النَّاسُ يَخُوضُونَ. فتب إلى الله توبة نصوحا واستقم على شرعه، واعلم أنه سبحانه لا يرد تائبا رجاه ولا مقبلا عليه أمل فضله ورجا بره وإحسانه، فإنه من تقرب إلى الله شبرا تقرب الله إليه ذراعا، ومن تقرب إليه ذراعا تقرب الله إليه باعا، ومن أتاه يمشي أتاه سبحانه هرولة. فجاهد نفسك في الله تعالى واعلم أنك مع المجاهدة موفق مسدد لا يخيب سعيك؛ كما قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}. ومما يعينك على التوبة أن تشغل وقتك بطاعة الله تعالى فلا يبقى فيه متسع لتلك المعاصي والشهوات، وأن تشتغل بتعلم العلم الشرعي وسماع الأشرطة والمحاضرات والدروس النافعة، وقراءة ما يناسب سنك من الكتب النافعة، واحضر حلق الذكر ومجالس العلماء، ومما يعينك على الاستقامة أن تصحب الصالحين وتتجنب صحبة رفاق السوء ومن لا تجر صحبتهم إلا الشر، وتزوج إن كان ذلك في مقدورك، وأكثر من الدعاء والزم ذكر الله تعالى وقراءة القرآن، وأدم الصوم وأطل الفكر في الموت وما بعده من أهوال القيامة، واستحضر دوام اطلاع الله عليك ومراقبته لك وأنه سبحانه لا يخفى عليه مثاقيل الذر من عملك فحاذر أن تبارزه بما يكره، ولا تجعله سبحانه أهون الناظرين إليك.

نسأل الله أن يهديك لأرشد أمرك وأن يوفقك لما فيه صلاحك ونفعك في الدنيا والآخرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني