الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محبة الله تعالى تنال بإرضاء الوالدين ومحبة سيد المرسلين تابعة لمحبة رب العالمين

السؤال

كيف أعرف إن كان الله يحبني ؟ وهل رضى والدي عني وتبسمهم لي دليل على رضى الله عني ؟ وأنا أحب الله وراضية عنه ولكني مقصرة، وأحب الرسول صلى الله عليه وسلم ولكني أشعر أن محبتي لربي أكبر من محبتي لرسولي صلى الله عليه وسلم، ولا أدري هل يجب أن أوازن بين حب الله وحب الرسول صلى الله عليه وسلم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا علامة محبة الله تعالى للعبد في الفتوى رقم: 161317 ، فانظريها وما فيها من إحالات. ولا ريب في أن إرضاء الوالدين وبرهما من أعظم ما ينال به رضوان الله تعالى ومحبته، كما قال صلى الله عليه وسلم: رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. رواه الترمذي والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو وصححه الألباني. فاستمري في إرضاء والديك تبتغين بذلك ثواب الله تعالى وفضله، وأما محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم فهما من أهم أعمال القلب ودعائم الإيمان، وليس بين المحبتين تعارض، بل محبة الله تعالى هي الأصل فإن الله وحده هو الذي يحب لذاته، وأما محبة من عداه تعالى فتابعة لمحبته سبحانه وفرع عنها، فنحن نحب أنبياء الله ورسله وأولياءه وعباده الصالحين لحب الله لهم وأمرنا بحبهم.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: وَلَيْسَ لِلْخلقِ محبَّة أعظم وَلَا أكمل وَلَا أتم من محبَّة الْمُؤمنِينَ لرَبهم، وَلَيْسَ فِي الْوُجُود مَا يسْتَحق أَن يحب لذاته من كل وَجه الا الله تَعَالَى وكل مَا يحب سواهُ فمحبته تبع لحبه، فَإِن الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إنما يحب لأجل الله ويطاع لأجل الله، وَيتبع لأجل الله، كَمَا قَالَ تَعَالَى: قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله. وَفِي الحَدِيث: أَحبُّوا الله لما يغذوكم بِهِ من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بَيْتِي لحبي. وَقَالَ تَعَالَى: قل إن كَانَ آباؤكم إلى قَوْله: أحب إليكم من الله وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فتربصوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره وَالله لَا يهدي الْقَوْم الْفَاسِقين. وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب اليه من وَلَده ووالده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ. وَفِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ وَغَيره: من أحب لله وَأبْغض لله وَأعْطى لله وَمنع لله فقد اسْتكْمل الايمان. وَقَالَ تَعَالَى: وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله. فَالَّذِينَ آمنُوا أَشد حبا لله من كل محب لمحبوبه. انتهى.

فتبين بهذا أن محبة الله تعالى هي أصل كل محبة وأنه وحده سبحانه هو الذي يستحق أن يحب لذاته من جميع الوجوه، وأن محبة من عداه إنما هي تابعة لمحبته وفرع عنها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني