الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كبر سن الزوج لا يسوغ للزوجة ألا تجيبه إلى الفراش

السؤال

أمي ترفض طلب أبي للفراش، منذ أن تعب أبي وأصبح مشلولاً أمي كانت تنام معنا، ولكن الآن أبي شفي ويطلبها للفراش وهي ترفض.
مع العلم أن أبي يصرف على البيت ولكنه لايكسوها، ويسمعها كلمات خادشة لشرفها وهي متحملة لأجلنا، ودائما عندما تكون نائمة يأتي ليشد على يدها أو يضربها، وهي تصرخ تقول وخر عنـي ولما يرانا يذهب، وعندي أخ صغير دائما يشاهد مشاكلهم وصراخهم العالي
ونحن تعبنا كثيـراً.
أرجو منكم أن تفهموني هل ما تفعله أمي حرام أم حلال لأن من ترفض طلب زوجها للفراش تلعنها الملائكة؟
هو لايلبـي كل حقوقهـا وعندهـا مشاكل نفسية، وأبي لايراعيهـا مع العلم أن أبي كبير بالسن.
أرجو منكم إفادتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإجابة الزوجة زوجها إلى الفراش أمر واجب وحق من حقوقه عليها، فلا يجوز لها الامتناع عنه لغير عذر شرعي. وكون الزوج مشلولا أو أنه كبير السن لا يسوغ لها امتناعها عن إجابته، والدعوة إلى الفراش أشمل معنى من مجرد الحاجة للوطء.

فإن امتنعت لغير عذر كانت آثمة، وكان تصرفها نشوزا تسقط به نفقتها حتى ترجع عن هذا النشوز كما سبق بيانه بالفتوى رقم: 29115. وعلاج الناشز له ضوابطه الشرعية. وضرب الناشز واحد من هذه الخطوات ولكنه ليس بأولها، إضافة إلى أنه ضرب غير مبرح، وراجعي الفتوى رقم: 1103. وأما الاعتداء والضرب الشديد فهو نوع من الظلم لا يجوز. كما أن السب والشتم لا يجوز وهو مناف لحسن العشرة، بل ذكر العلماء أن هذا من الضرر الذي يبيح لها طلب الطلاق.

جاء في الشرح الكبير للدردير المالكي: قوله: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها.اهـ.

ومن الخطإ الكبير إظهار المشاكل بين الزوجين أمام الأولاد، فهذا مما لا ينبغي، وقد تكون له آثاره الوخيمة وخاصة إن كان الأولاد صغارا.

وننبه هنا إلى أنه إذا كان الداعي لمنع المرأة نفسها عن إجابة زوجها إلى الفراش كونه لا ينفق عليها، فقد ذكر بعض العلماء أن هذا مما يسوغ لها ذلك، وقد بينا ذلك بالفتوى رقم: 51896.

وما ذكر من المرض النفسي إن كان قد وصل بها إلى أن أصبحت مغلوبة على عقلها ولا تتحكم في تصرفاتها فإنها غير مؤاخذة شرعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبى حتى يحتلم. رواه أبو داود وغيره.

ونوصيكم في الختام ببعض الأمور:

الأمر الأول: دعاء الله تعالى والتضرع إليه فهو سبحانه علام الغيوب وبيده أمر القلوب، وقد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة حيث قال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

الأمر الثاني: تحري الحكمة ومناصحة الوالدين بأسلوب حسن والحرص على إصلاح بينهما، ولا بأس باستخدام بعض العبارات التي تعين على تحقيق ذلك ولو كذبا، فقد أباح الشرع الكذب في الإصلاح عند الحاجة إليه. ففي صحيح مسلم عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.

الأمر الثالث: ويمكن أيضا الاستعانة بالعقلاء والفضلاء من الناس ممن يرجى أن يكون لهم تأثير على الوالدين عسى أن يجعلهم الله سببا في إصلاح الأسرة ولم شملها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني