الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رد الخاطب لأجل إكمال الفتاة دراستها

السؤال

لقد تعرفت على فتاة ذات خلق ودين من سنة وسبعة أشهر وبعد معرفتي بها بفترة (شهر) تقدمت لخطبتها فذهبت وسألت والدتها وكان الرفض لأني لا أملك عملا مناسبا ولأن والدها رافض زواجها من أي شخص كان قبل انتهاء دراستها الجامعية (أي بعد أربع سنوات ) وقد تعاهدنا وقتها على الاجتهاد ليكون كل منا للآخر
وبعد مدة قليلة حصلت على عمل مناسب بفضل الله كمهندس كمبيوتر وبراتب جيد والحمدلله وبعدها تقدمت لخطبتها مرة أخرى ورفض والدها بنفس السبب إكمال تعليمها
فقررنا البقاء على العهد الذي بيننا مع علم أهلي وترحيبهم بها وبعلم من والدتها فقط وأن يجتهد كل منا وكانت مجتهدة بالفعل في دراستها وتفوقها يزيد يوما بعد يوم
ومنذ مدة قليلة علم والدها بمعرفتنا ببعضنا البعض وأننا تقابلنا من دون علمه في الماضي وقد قرر معاقبتها بمنعها من إكمال دراستها وبقائها في البيت وعزلها عن صديقاتها وجيرانها تماما وأن يزوجها من شاب آخر قريبا فطلبت من والدتي التقدم رسميا لها في هذه المرة فكان الرد بالرفض مرة أخرى ولكن هذه المرة بسبب مقابلتنا التي كانت في الماضي
فذهبت له وقابلته واعتذرت له عما حدث مني في الماضي ولكن لم يسمح لي بالكلام كثيرا وكان رفضه أكثر عنفا وقد كان عاقبة كلامي معه بالاذى أكثر على ابنته
فذهبت لأستعين بشيخ وخطيب ذي علم بالدين وطلب مني أن يذهب لمقابلته
فذهب له بالفعل ولكن كالعادة كان الرفض وكان رده أن ليس لابنته تعليم عنده ولم يصبح يهمه مستقبلها ولن يقبل بي مهما فعلت
فما حكم الدين إذا تزوجت الفتاة في هذه الحالة بدون موافقة والدها على مذهب الإمام أبي حنيفة وولاية رجل صالح من رجال الدين بديل لوالدها وتزوجنا وأكملت دراستها بعد زواجنا وهل يعتبر إكراها إذا تزوجت من آخر إرضاء لوالدها ولمعالجة المشكلة دون أي اقتناع منها بالمتقدم ؟
وهل ما حل بها من قبل والدها يعتبر عقابا أم اذى ؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالراجح من أقوال الفقهاء اشتراط الولي لصحة النكاح، وهو القول الذي تؤيده الأدلة، ومذهب أبي حنيفة في هذه المسألة مرجوح، وراجع الفتوى رقم: 5855. فلا يجوز لك نكاح هذه الفتاة بغير إذن وليها وإلا كان النكاح باطلا.

ولكن ليس من حق الولي منع المرأة من نكاح الكفء لغير مسوغ شرعي وإلا كان عاضلا لها، ففي هذه الحالة من حق المرأة أن تراجع القاضي الشرعي لينظر في الأمر، فإن ثبت عنده العضل أنكحها أو وكل من ينكحها فالسلطان ولي من لا ولي له، وراجع الفتوى رقم: 177021. وننبه هنا إلى أن إكمال الفتاة دراستها ليس بمسوغ شرعي يرد وليها بسببه الخاطب. كما أن معاقبته لابنته بقطع دراستها وعزلها عن محيطها ظلم لها.

وإذا لم يتيسر لك أنت إقناع وليها فلا تتبعها نفسك، ولا تحجر واسعا، فابحث عن غيرها فالنساء غيرها كثير، وأكثر من دعاء الله تعالى أن ييسر لك زوجة صالحة، فقد وعد سبحانه بإجابة من دعاه، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}. وراجع آداب الدعاء وشروطه بالفتوى رقم: 119608 : ففيها بيان آداب الدعاء.

والواجب عليك التوبة مما وقع منك من تساهل في العلاقة مع هذه الفتاة في الفترة السابقة، وعدم العود لمثلها مستقبلا. وراجع الفتوى رقم: 5450 ، وهي عن شروط التوبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني