الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدلة نقض الوضوء بالخارج المعتاد

السؤال

أعتذر إن كان سؤالي به بعض الجهل بسبب أني لم أدرس العلوم الشرعية.
سؤالي هو: كيف وضع الشيخ ابن عثيمين قاعدة وهي: كل ما هو خارج من السبيلين ناقض للوضوء. فما الأدلة التي استشهد بها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليست هذه القاعدة مختصة بالشيخ ابن عثيمين رحمه الله، بل هذا مذهب عامة أهل العلم، وقد أجمع العلماء على أن الخارج المعتاد من السبيلين ينقض الوضوء كالبول والغائط والمذي والريح، وأدلة ذلك كثيرة مشهورة، قال تعالى: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ. {النساء:43}. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. قال رجل من أهل حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط. متفق عليه. وفي حديث صفوان بن عسال في المسح على الخفين: ولكن من بول وغائط ونوم. رواه أحمد والترمذي وصححه. وقال صلى الله عليه وسلم في المذي: فيه الوضوء. أخرجاه. وفي رواية لمسلم: يغسل ذكره ويتوضأ.

فهذه بعض دلائل نقض الوضوء بالخارج المعتاد، وأما الخارج النادر كالدود ونحوه ففيه بين العلماء خلاف، فذهب الجمهور إلى أنه ناقض للوضوء وذهب مالك إلى أن الوضوء لا ينتقض به.

وقد فصل الموفق ابن قدامة رحمه الله هذه المسألة وبين دليلها فقال ما عبارته: الخارج من السبيلين على ضربين، معتاد كالبول وَالْغَائِطِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَالرِّيحِ، فَهَذَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إجْمَاعًا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الْغَائِطِ مِنْ الدُّبُرِ وَخُرُوجَ الْبَوْلِ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَقُبُلِ الْمَرْأَةِ وَخُرُوجَ الْمَذْيِ، وَخُرُوجَ الرِّيحِ مِنْ الدُّبُرِ أَحْدَاثٌ يَنْقُضُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا الطَّهَارَةَ، وَيُوجِبُ الْوُضُوءَ، وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا فِي قَوْلِ رَبِيعَةَ. الضَّرْبُ الثَّانِي: نَادِرٌ كَالدَّمِ وَالدُّودِ وَالْحَصَا وَالشَّعْرِ فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَيْضًا، وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَانَ عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَأَبُو مِجْلَزٍ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ، يَرَوْنَ الْوُضُوءَ مِنْ الدُّودِ يَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ، وَلَمْ يُوجِبْ مَالِكٌ الْوُضُوءَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ، أَشْبَهَ الْخَارِجَ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلِ. وَلَنَا أَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ أَشْبَهَ الْمَذْيَ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ بِلَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ، فَيَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِهَا، وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْتَحَاضَةَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَدَمُهَا نَادِرٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ. انتهى.

ولعل المسألة تكون قد اتضحت لك بما تقدم ذكره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني