الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء فيمن نذر التصدق بكل ماله

السؤال

امرأة نذرت أن تتصدق بكل مالها ـ نقودا ـ وكل ملابسها الجديدة إذا شفيت من مرضها، فما الحكم؟ علما بأن والديها متوفيان وهي التي تعول نفسها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا حكم النذر المعلق على شرط وأنه مكروه عند أكثر العلماء وأن الوفاء به واجب إذا حصل ما علق عليه. وانظر الفتوى رقم: 106240.

وفي خصوص قولك عن هذه الأخت: إنها: نذرت أن تتصدق بكل مالها ـ نقودا ـ وكل ملابسها الجديدة... لم ندر ما إذا كان القصد منه أنها نذر التصدق بكل مالها، ثم فسرته بأنه نقود وملابس جديدة، أم أنها نذرت فقط التصدق بما عندها من النقود والملابس الجديدة، فإن كان القصد أنها نذرت التصدق بكل مالها فالجواب أن أهل العلم قد اختلفوا فيمن نذر ماله كله فذهب بعضهم إلى أنه يجزئه إخراج ثلثه، وذهب البعض إلى أنه يلزمه إخراج ماله كله، قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية: إن نذر صدقة جميع ماله أو حلف بذلك فحنث كفاه الثلث.. وقال أبو حنيفة فيمن نذر جميع ماله يلزمه جميعه..

وقال ابن قدامة الحنبلي في الشرح الكبير: ولو نذر الصدقة بكل ماله فله الصدقة بثلثه ولا كفارة عليه، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي لبابة حين قال إن من توبتي يا رسول الله أن أنخلع من مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجزيك الثلث ـ وبهذا قال الزهري ومالك، وقال ربيعة يتصدق منه بقدر الزكاة.

وفي المجموع للنووي: إذا نذر أن يتصدق بماله لزمه الصدقة بجميع ماله، لما ذكره المصنف، وقال أحمد في إحدى الروايتين عنه: يكفيه أن يتصدق بثلثه. اهـ.

وعلى هذا، فالأحوط لهذه المرأة أن تخرج كل مالها خروجا من خلاف أهل العلم، ولو أخرجت ثلثه لكفاها ذلك عند المالكية والقول المعتمد عند الحنابلة.

وإن كان القصد أنها نذرت التصدق بما لها من النقود والملابس الجديدة فالواجب أن تتصدق بجميع ما سمته، ولو كان هو جميع ما تملك، جاء في الشرح الكبير للشيخ الدردير ممزوجا بمتن خليل: ولزم ما سمى من ماله إذا كان شائعا كسدسه أو تسعة أعشاره، بل وإن كان المسمى معينا أتى ذلك المعين على الجميع أي جميع ماله كعبدي وداري وفرسي, ولم يكن له غير ذلك. اهـ.

والظاهر أنه يترك لها في هذه الحالة ما يترك للمفلس، جاء في مواهب الجليل: ...لو كان ذلك على رجل بعينه لزمه إخراج جميع ماله, قال: ويترك له كما يترك لمن فلس ما يعيش به هو وأهله الأيام، ابن المواز كالشهر ذكره في غير هذا الموضع, انتهى كلام الشيخ أبي الحسن ونقله في التوضيح عن النوادر وعن صاحب النكت، وانظر هل يقال مثل ذلك فيما إذا نذر شيئا معينا وكان ذلك جميع ماله فتأمله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني