الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التوبة من العقوق ومن مات بسرطان القولون هل له حكم المبطون وهل يأمن من عذاب القبر

السؤال

جزاكم الله خير على ما تقدمونه من مساعدات لنا، أرجو من سعادتكم أن يتسع صدركم الكريم لي و لقصتي وهي: 
نحن أربع إخوة ـ ولدان وبنتان ـ كنا نعيش في سعادة وكان والدنا رحمه الله يعمل بالخارج ليضمن لنا المستوى المادي الطيب، فنحن من أسرة ميسورة الحال ولله الحمد، وفجأه تغيرت حياتنا، فقد تعرف أخي الأكبر على امرأة دون المستوى المادي والاجتماعي والتربوي وأصر على الزواج منها رغم رفض أمي تماماً، وفي إحدى إجازات الأب رحمة الله عليه أصر أخي على الخطبة فوافق الأب، لأن أخي كان الابن المدلل الكبير وبدأت المشاكل بين والدي وأمي وحفاظا على الأسرة قبلت أمي الوضع وتزوج أخي من هذه السيدة، وكانت تعاملنا ـ أنا وأختي ـ بكل سوء إلى أن نجحت في أن تقطع علاقة أخي بنا، وكان أبي رحمة الله عليه يتحمل كل نفقات بيت أخي إلى أن مرض بجلطة وأصبح يعاني من شلل نصفي ـ جعله الله في ميزان حسناته ـ مما اضطره أن يقلل مما يعطيه لأخي، وفي إحدى أيام رمضان وبسبب زوجته وتحت تأثيرها عليه وإقناعه أن والدي يفضلنا نحن وأزواجنا وأنه يعطينا الأموال طلب أخي بعض المال من أبي فلما رفض قام بسبه ولولا أخي الصغير وزوج أختي لضربه وقال له يا مشلول وأخذ يعيره بالشلل فبكي أبي ودعا عليه وقال له يارب الذي في يأتي فيك واشتد المرض على أبي رحمة الله عليه، وبعدها بمدة توفي أبي دون أن يكلم أخي، وهنا اشتدت المشاكل بين أخي وبين أمي تحت تأثير زوجته وأن أمي تغدق علي وعلى أخته الأخرى الأموال فطالب بالميراث فقالت له أمي إنما تركه أبوك لا يكاد يكفي مصاريفنا، فهي لا تعمل وليس لها أي دخل آخر، وقد من عليه الله بوظيفه ممتازة وراتب كبير وهنا فوجئنا بإصابته بالسرطان في القولون فما كان من أمه إلا أن أقامت معه في المستشفى إلى أن استقرت حالته وأصبح طبيعيا فرجع إلى عادته القديمة وطالب أمي بالأموال فعادت وقالت له ما أسلفت، فسبها واتهمها في شرفها وسب لها الدين فدعت عليه وأحضرت بعضا من رجال عائلتنا وطلبت أن يقسم على المصحف أنها تصرف علي أنا وأختي فحلف وأقسم زورا فأقسمت أمي أن هذا لم يحدث وقالت له لنرى نتيجة المباهلة ومرت سنتان من القطيعة إلى أن رجع له مرضه بشدة لدرجة أنه خلال شهر أجرى ثلاث عمليات في بطنه وأصبح في شلل تام لا يقدر على القيام من السرير وبطنه مفتوحة فالجرح لا يلتئم وهنا رجعت أمي تهرول إلى المستشفى لتقيم معه، وأمي تعيش أصعب أيام حياتها الآن وتقول إنها راضية عنه وسامحته وهو يتعذب وترجوكم أن تجيبوها في أسرع وقت جزاك الله خيرا: هل هناك دعاء معين لها لتكون بذلك قد رضيت عنه؟ وإذا رضيت فماذا عن والدي وكيف نضمن رضاه؟ وهل ماء زمزم من الممكن أن يشفيه؟ وإذا مات فهل يعتبر شهيد بطن، علما بأن عملية الإخراج عنده تتم في كيس خارجي ويكون إسهالا؟ وهل إذا كان شهيدا فلن يعذب في قبره؟ وإذا مات في رمضان فهل هذا دليل على حسن الخاتمة؟ وهل هناك شيء تستطيع هي أو نحن أن نقوم به يساعده في مرضه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعقوق الوالدين من أكبر الكبائر التي تجلب سخط الله، لكن الذنب مهما عظم فإن باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها، فالواجب على أخيك أن يبادر بالتوبة إلى الله عز وجل مما وقع منه من العقوق، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه مع استحلال صاحب الحق من مظلمته، فإذا كانت أمك قد عفت عنه فعليه أن يجتهد في تحقيق التوبة فيما بينه وبين ربه، وليس هناك دعاء مخصوص تدعو به الأم ليتحقق عفوها عن حقها منه، وأما عن توبته من عقوق أبيه بعد موته فإنه بعد أن يحقق التوبة إلى الله بالندم والاستغفار يمكنه أن يستدرك ما فاته من بر والده، بالدعاء والاستغفار له والصدقة عنه وصلة الرحم من جهته وإكرام أصدقائه، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 18806.

وأما عن الاستشفاء بماء زمزم فلا مانع من ذلك، كما بيناه في الفتوى رقم: 153251.

مع التنبيه إلى أن الشافي هو الله عز وجل والأسباب لا تنفع بنفسها، وإذا مات هذا الرجل بسبب مرض في بطنه فهو داخل في حكم المبطون، وانظري الفتوى رقم: 139446.

وقد وردت أحاديث في نجاة المبطون من عذاب القبر، وبيان ذلك في الفتوى رقم: 53443.

وراجعي شروط نيل أجر الشهادة في الفتوى رقم: 34588.

وأما الموت في رمضان: فلا نعلم فيه فضلا مخصوصا، وانظري الفتوى رقم: 175039.

ومن أنفع الأمور التي تساعدون بها أخاكم في مرضه هو الدعاء له ولا سيما أمه، فإن دعاء الأم لولدها مستجاب ـ بإذن الله ـ فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده. رواه ابن ماجه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني