الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مجرد العزيمة لا تنصرف للنذر إلا بنية

السؤال

إني كثيرة الوساوس، وفي الكثير من الأحيان يؤدي هذا بي إلى تأخير الصلاة أو إخراجها عن وقتها فأشعر حينها بتأنيب الضمير وقلة الحيلة، وفي يوم من الأيام شعرت بندم شديد وقلت لأمي وأنا أشكو همي: من الآن فصاعدا سأصلي الصلوات في وقتها أو كأنني قلت في أول وقتها، فهل هذا يعتبر نذرا يجب الوفاء به، حيث تصعب علي الصلاة في أول الوقت بسبب الدراسة وغيرها من الأمور؟ وهل الابتلاء في الدين والعبادة دليل على غضب الله وأنه لا يحب هذا الشخص؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمتبادر أن هذا لا يعتبر نذرا وذلك لسببين:

الأول: حصول الشك في أي الصيغتين صدرت منك، مما يعني شكا في أصل النذر، لأن أولى الاحتمالين وهو: سأصلي الصلوات في وقتها ـ لا يصلح أن يكون نذرا، لأن أداء الصلاة في وقتها واجب، ولا يكون النذر إلا في المندوب، وثاني الاحتمالين وهو: في أول وقتها ـ فهو وإن كان صالحا لانعقاد النذر فيه، إلا أن الشك فيه أوجب إلى أن يصار إلى براءة الذمة منه، لأنها الأصل.

والثاني: أنه لا بد في النذر من الصيغة وهي هنا معدومة: لأن قولك: سأصلي ـ مجرد عزيمة، لا تنصرف إلى النذر إلا بنية محققة، وقد بينا في الفتوى رقم: 160087، ما لأهل العلم في صيغة النذر فراجعيها.

لكنه لا ينبغي للمسلم أن يقول بلسانه إلا ما يعمل، لأن ذلك وصف ذميم ينبغي للمسلم الابتعاد عنه، ثم إن تأخير الصلاة عن أول وقتها تفريط في فضيلة عظيمة الأجر، وتأخيرها حتى يخرج وقتها ذنب عظيم لا يجوز الإقدام عليه، ويجب على فاعله التوبة منه، ولا يجوز للمسلم أن يستسلم لهذه الوسوسة التي تعرض له في طهارته، أو في صلاته، أو في شيء من أمر دينه، لأنها من كيد الشيطان ليصرف الصالحين عن عبادتهم، ويقطعهم عما يقربهم من ربهم.

وأما ما ذكرت من الابتلاء، فليس الابتلاء في الدين دليلا على غضب الله، فإن الله تعالى يبتلي عباده المؤمنين بالخير والشر، وقد يكون البلاء دليلاً على محبة الله للعبد، فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني