الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين المشاهدة والمكاشفة والتجلي

السؤال

ما الفرق بين المشاهدة والمكاشفة والتجلي؟ وهل الولي الصالح بإمكانه أن يشاهد اللوح المحفوظ ويرى النبي صلي الله وعليه وسلم يقظة؟ وجزاكم الله خيرا وباركم فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبقت لنا فتاوى في التصوف والصوفية قديما وحديثا، راجع منها الفتوى رقم: 149877.

وأما عن هذه المصطلحات المذكورة: فهي مقامات ومصطلحات عند القوم ـ أهل التصوف ـ وهي وإن كانت متقاربة المدلول إلا أن بينها في الحقيقة وجه فرق، أما المشاهدة: فهي مقام حاصل من معاينة آثار أسمائه وصفاته تعالى في الكون، بحيث يترتب عن ذلك تنور القلب وتعلقه بالرب، وهذه المنزلة هي التي قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام: أن تعبد الله كأنك تراه ـ فهي رؤية حكمية، وهي مقام فوق المراقبة، والتي هي العلم واليقين باطلاع الحق سبحانه على ظاهر العبد وباطنه، وهي التي قال فيها عليه الصلاة والسلام: فإن لم تكن تراه فإنه يراك ـ قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: يتولد عن هذين المقامين: الأنس بالله والخلوة لمناجاته وذكره واستثقال ما يشغل عنه من مخالطة الناس والاشتغال بهم، فمنزلة المراقبة إذا تحققت في العبد حصل له الأنس بالله تعالى، ومنزلة المشاهدة أعلى وأجل.

قال الشيخ صالح آل الشيخ: وأعلى منه ـ يقصد مقام المراقبة ـ لأهل العلم مقام المشاهدة، وهو الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّك تَرَاهُ ـ وهذه المشاهدة المقصود بها مشاهدة الصفات لا مشاهدة الذات، لأن الصوفية والضُّلال هم الذين جعلوا ذلك مدخلا لمشاهدة الذات ـ كما يزعمون ـ وهذا من أعظم الباطل والبهتان، وإنما يمكن مشاهدة الصفات. اهـ

أما المكاشفة: فهي اليقين، وهي عَلَى ثلاثة أوجه: مكاشفة بالإخبار، ومكاشفة بإظهار القدرة، ومكاشفة القلوب بحقائق الإيمان، ويطلقها القوم أيضا علما قسيما لعلم المعاملة، قال الغزالي في كتابه أصناف المغرورين: العلم علمان: علم معاملة وعلم مكاشفة، وعلم المكاشفة وهو العلم بالله تعالى وبصفاته..

وقال في إحياء علوم الدين: فاعلم أنه قسمان علم مكاشفة وعلم معاملة، فالقسم الأول علم المكاشفة وهو علم الباطن وذلك غاية العلوم.

وأما التجلِّي فهو: ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب، وقد سبق أن بينا عنه أكثر في الفتوى المحال عليها آنفا.

وأما اطلاع الأولياء على ما في اللوح المحفوظ، فقد بينا في الفتوى رقم: 5697، بطلان تلك الدعوى فراجعها.

وأما رؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة بعد موته: فقد بينا أيضا في الفتوى رقم: 9991، ما لأهل العلم فيها، وبينا أن الراجح الذي جزم به المحققون من أهل العلم أنها غير ممكنة، وذكرنا تأويل ما يحتملها من ظواهر الأدلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني