الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذي يتحمل دية الإجهاض ومن يستحقها؟

السؤال

سيدي الفاضل: لي صديقة لا تعرف العربية وأطرح السؤال نيابة عنها: تقول إنها منذ 10سنوات ومع طيش الشباب ورفقة السوء وجهل العواقب الدينية والدنيوية ارتكبت الفاحشة وحملت من رجل، وعلى حد قولها فإنها لم تنتبه حتى مضى عدة أسابيع، وعندما عرفت كانت في حالة رعب وخوف من فعلتها من الله وأهلها الذين لا يستحقون ذلك ونصحت أن تجهض وفعلت والجنين عمره 98 يوما على يد قابلة عرفتها عليها إحدى صديقتها، ولما تعرفت عليها قلت لم تكن لتفعل هذا لشدة التزامها وتعبدها، ولما قصت لي قصتها قالت إنها بعد فعلتها ندمت وتابت توبة نصوحا وتكثر من الصلاة والاستغفاروالصدقة، لكنها لا تزال خائفة أن لا يغفر الله لها وتسأل هل عليها كفارة أو دية، وفي حالة الدية لمن تعطى هذه الدية، وتسألكم الدعاء لها بالمغفرة، الله ينوركم كما تنورون عقولنا ويجعلها في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما أقدمت عليه هذه المرأة من طلبها لإجهاض هذا الجنين، ذنب عظيم، والواجب منه إنما هو التوبة، ولا تلزم فيه الدية إذا لم تباشر الإجهاض، وإنما أذنت فيه للقابلة، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 145537.

وأما الكفارة: فقد اختلف العلماء في وجوبها في قتل الجنين عموما فمنهم من قال بلزومها قياساً على قتل النفس، ومنهم من قال بعدم اللزوم مستدلاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر عنه ذلك في قضائه في الإجهاض، ولكن الأحوط الإتيان بها خروجا من الخلاف، وهل تلزم المتسبب؟ الجمهور على لزومها على المتسبب كالمباشر، جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في وجوب الكفارة في القتل بالتسبب على قولين: فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوب الكفارة في القتل بالتسبب.... وذهب الحنفية إلى عدم وجوب الكفارة في القتل بالتسبب.

وما دامت قد تابت فتوبتها مقبولة ـ إن شاء الله تعالى ـ وعليها ألا تقنط من رحمة الله تعالى، فإنه لا يقنط من رحمة الله إلا القوم الكافرون.

أما القابلة التي باشرت: فاللازم عليها بعد التوبة في إجهاض الجنين بعد هذه المدة ـ 98 ـ لكونه قد تخلق إنسانا: الدية، وهي عشر دية الأم وقدر بما يساوي 213 جراماً من الذهب تقريباً، وقد بينا في الفتوى رقم: 11681، الخلاف بين أهل العلم فيمن تلزمه الغرة في إسقاط الجنين، هل الجاني أوعاقلته؟.

وتدفع هذه الغرة لعصبة هذا الجنين، ولا تستحق الأم منها شيئا على الراجح، لكونها سببا آمريا لهذا الإسقاط، جاء في الموسوعة الفقهية: وإذا كان القتل بالسبب دون المباشرة فلا حرمان عند الحنفية بالقتل...... وذهب الحنابلة والمالكية في الأرجح إلى أن القاتل عمدا مباشرا أو متسببا يمنع من الميراث من المال والدية....... وذهب الشافعية إلى أن كل من له مدخل في القتل يمنع من الميراث.

وراجعي الفتوى رقم: 36440.

وأما الكفارة على القابلة التي باشرت الإجهاض فمختلف فيها كما تقدم، والأحوط التكفير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني