الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطورة تساهل المرأة في علاقتها بالأجانب

السؤال

أنا فتاة جميلة عمري 23 سنة من عائلة محترمة جدا, تخرجت من الجامعة هذا الصيف, وعندما كنت في 18 سنة تعرفت على شاب أوهمني بالزواج والنية الصادقة نحوي إلى أن أوقعني بين يديه النجستين واختلا بي فقام بنزع ثيابي كلها ولمس كل جسدي، وأراد أن يدخل قضيبه في فرجي، لكنني لم أتركه وقاومت رغم ضعفي ومحاولات ذكره للنيل من فرجي لكنه لم يدخله فقام بحكه سطحيا على فرجي ثم أدخله قليلا في دبري رغما عني وبعدها أصبح يهددني بصورتي وأنه سيقول الذي فعله بي لأهلي, وكان يرغمني على الذهاب إلى متجره ليلمسني تحت تهديداته المرعبة والمخيفة الدائمة, لكنني لم أحتمل وكنت صغيرة وخائفة لا أثق بأحد وخائفة من تهديداته بإخبار أهلي إلى أن قلت لأمي إن شابا يريد الزواج بي فتقدم لخطبتي فرفضوه لأنه كان ذا سمعة رخيصة ولم أكن أعلم, وكان يكبرني بـ 13 سنة تقريبا, حاول عدة مرات التكلم مع أبي وإخوتي إلا أنهم رفضوه رفضا تاما، عندها أصبح يقلق أهلي ويشيع ويخبر الناس أنه أفقدني عذريتي, ولما سمع أهلي سألتني أمي إذا كان قد لمسني فكذبت عليها قائلة لا لم يلمسني، كذبت خوفا عليها من الموت وقلت لها لا تقلقي لم يفعل لي شيئا, لكن كلامه زرع الشك في أهلي فأخذوني إلى طبيبة نساء لفحص عذريتي وكانت النتيجة أنني عذراء، وبعد انتهاء المشكلة أخذت الباكالوريا وذهبت إلى الجامعة وهي تبعد 80 كلم عن بيتنا، وعزمت على حراسة نفسي من أي بشر ومر نصف سنة فتعرفت على شاب أحببته وصدقته كثيرا أكثر من نفسي, كنا نتكلم عبر الهاتف إلى أن أتى لرؤيتي فقبلني على شفاهي ثم بعد عام جاء وأقنعني أن نذهب إلى بيت أهله الفارغ ووعدني أنه لن يفعل بي سوءا، فذهبت مغمضة العينين واثقة فيه كالغبية فلمسني الحقير في جسدي كله وقام بتعريتي لكنه ولم يدخل ذكره لا في القبل ولا في الدبر, ثم رجع إلى بلاده، ومرة أخرى عاودنا الكرة في الهاتف وعلى النت يكلمني عن السكس ويطلب مني صورتي عارية، وبثقة عمياء أرسلت له صورتي عارية تماما, ولم أكن متحجبة فتحجبت, ولما جاء في المرة الثالثة قام بإدخال قضيبه في دبري مرة واحدة رغما عني، وفي آخر مرة أدخله في دبري وكان ضميري يقتلني كيف وأنا البنت المتربية يحصل لي هكذا؟ وكيف جرى لي هذا؟ كانت نفسي تموت كل ما أفكر في الذي حصل وكنت من النوع الساكت حتى لو أموت لا أقدر أن أخبر أي إنسان, فاتخذت قرار الابتعاد عنه، لأنه حرام وتجرأت رغم تهديداته بفضحي بصوري العارية وإخبار أهلي عن الليالي الأربع التي قضيتها معه، طلبت منه الابتعاد التام عني، لأنني لم أرض لنفسي ولا عن أعمالي من أجله فأوقعني في معصية ربي لإرضاء ذاك الحقير، ولما ابتعدت عنه التقيت شابا وسيما مسؤولا يريد خطبتي فتعرفت عليه وركبت معه في السيارة مرتين فقام بتقبيلي على شفاهي في المرتين ثم لم نتفق فقررنا الوداع ورغم هذه الأوقات واللحظات الضعيفة فقد كنت ناجحة جدا في دراستي دائما في المرتبة الأولى والناحية المادية ميسورة جدا، فأبي يوفر لي كل شيء والحمد لله وكنت ومازلت محبوبة ومحترمة سواء في ميدان الدراسة أو مع الأهل أو مع الأصدقاء وكلهم يتمنون أن يكونوا مثلي إلا أنا فلا أتمنى أن أكون هكذا، بل أتمنى من ربي أن يغفر لي ويسامحني، وفي سنتي الأخيرة هذه تعرفت على أستاذ جامعي محترم من عائلة محترمة, سنه مناسب لي أعجب بي فقد كان يدرسني فتكلم عدة مرات مع أهلي عن نيته بالزواج بي, وأثناء قيام أهلي بالتحري والسؤال عنه وعن أهله كنا أنا وهو على اتصال دائم ليلا ونهارا نتعرف على بعضنا، ثم تطورت علاقتنا فأحببته لأخلاقه وتدينه وأحببته بجنون لإنسانيته وكنت مستعدة لإهدائه حياتي وروحي إن استدعى الأمر, واختلينا عدة مرات لا أذكر عددها وكنا في عدة مرات عاريين تماما فقبلني في كل شبر من جسدي ولم يدخل ذكره لا في القبل ولا في الدبر, الله يغفر لنا، وكان دائما يسألني عن الماضي وأنا لا أريد إخباره لما فيه من ضرر على علاقتنا، لأنني لشدة حبي له لم أرد خسارته لأي سبب كان, ونيتي معه كانت صادقة كل الصدق، فقد أردت الزواج كأي أنثى بمن أحبه وتمنيت إنجاب الكثير من الأطفال معه لحبي له, تأثرت به كثيرا لدرجة التغير من حياتي إلى حياته وطاعة أمره كأنه زوجي, لأنه غيرني إلى الأحسن وقربني من الله أصبحت أرتدي الحجاب الشرعي لكن ليس الجلباب, وأصبحت لا أخرج كثيرا وملتزمة بمواقيت الصلاة, ولا أتحدث مع أي مخلوق حتى لو كانت صديقتي إلا بأمر منه, أصبح يعرف كل خطوة سأقوم بها لأنني أستشيره أولا وأعلمه لكي يدري بكل شيء, كذبت عليه في ما يخص الماضي ولما اكتشف أشياء من الماضي كالليال الأربع التي قمت بها ضغط علي فاعترفت له أنني فعلتها لكنني لم أصارحه عن قضية الدبر فأجبرني على الحلف كذبا حيث قال لي أحلفي 3 مرات أو 4 أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين فحلفت له ولعنت نفسي كذبا، مع العلم أنني في حياتي لم أحلف بهذه الطريقة, لكنه أكثر من التحري عن الماضي حتى وصل إلى أحقر الناس فأخبروه بالماضي لكن مع إضافات خيالية من الصحة من صنع عقولهم الزائفة, فضغط علي كثيرا وقطع لي وعدا أنه سيتزوجني إن اعترفت له بالحقيقة فاعترفت له عن قضية دبري, فقال لي إنني حلفت كذبا ولعنت نفسي في قضية دبري، واتهمني أنني أتحدى الله عز وجل بإخفاء الماضي وأنني خارجة من رحمة الله، لأنني حلفت ولعنت نفسي كذبا, وكلام الناس الكاذب قالوا له إنني لست عذراء مع أنني ذهبت 4 مرات إلى طبيبات مختلفات وكلهن أجمعن وأخبرنني أنني عذراء, فأخبرته بالحقيقة وأعطته شهادة عذريتي فلم يقتنع ظنا كما أخبروه أنني فقدت عذريتي ثم قمت بإجراء عملية ترقيع البكارة وهذا كله كذب، أقسم أنني عذراء كما خلقني الله, اعترفت له بكل الماضي ولكنني لما كذبت عليه من قبل أصبح لا يصدقني بتاتا, قال إنني خدعته لأنني لم أصارحه بالماضي وأنني زانية رغم أنني لم أرد الزنا وحصل معي بدون إرادتي ـ الزنا حصل منذ سنتين ليس حاليا, ولم أزن مع الأستاذ رغم أننا في عدة مرات كنا عاريين نتبادل القبل ورغم حبي له ورغبتي فيه إلا أنني لم أزن ـ فنصحني بالتوبة إلى الله والابتعاد عن كل حرام, وهذا ما كنت أنوي فعله فقد ندمت كثيرا على ما اقترفته من ذنوب وعاهدت الله أنني لن أقع في أي معصية ـ إن شاء الله ـ وندمت على تصرفاتي كالمراهقة وعلى ترك نفسي للذئاب تفترسني وخيانتي لثقة أهلي وزوجي في المستقبل, وأصبحت محافظة على حجابي الشرعي ولكنني لا أرتدي الجلباب، وإذا رن الهاتف فوجدته الأستاذ يتصل بي لم أرد الرد ولكنه كرر الاتصال فقررت الإجابة فراح يوبخني أنني لم أتب وأنه يجب أن أمضي ليلي ونهاري أصلي وأبكي وأن أعتكف في البيت ولا أخرج منه وأن لا أعمل ويجب أن أذهب إلى بيت الله الحرام وأغتسل بماء زمزم ويجب أن أرتدي الجلباب، فهو شرط من شروط الإصلاح للتائبة وأسئلتي كثيرة وأريد ردا سريعا فأنا نفسيا ميتة فأرجو رأيك وفتواك ورأيك في قصتي، فهل تجب علي مصارحته بالماضي؟ وهل أنا زانية؟ وهل أنا ملعونة وخارج رحمة الله؟ وهل أستحق رفضه لي؟ وهل يعتبر خداع عدم قولي له الحقيقة فيما يخص الماضي؟ وهل لا أستحق فرصة عيش حياة هنيئة؟ وهل أنا كاذبة؟ وهل هو أحسن مني خلقا؟ علما أنني لا أعرف عن ماضيه إلا ما سرده هو عن نفسه وهل توبتي ليست صحيحة؟ وهل أنساه؟ وهل حقا توبتي لن تقبل مادمت لا أرتدي الجلباب؟ علما أنني أرتدي الحجاب الشرعي ومستورة من فوق إلى تحت، أخبرته بالحقيقة فلم يصدقني, فماذا أفعل؟ يتهمني باستصغاري للكبائر التي حصلت معي, رغم أنه لا يعرف مدى ندمي وتوبتي ولن يدرك نفسي ومدى ندمي إلا الله, وقال مادمت لا ترتدين الجلباب فأنت لست بتائبة, فهل صحيح كلامه؟ وهل تجب علي طاعة أمره وهو يعد أجنبيا بالنسبة لي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حول ولا قوة إلا بالله، فلا نكاد نصدق ما تحكينه عن نفسك من الإقدام على إقامة هذه العلاقات العفنة مع رجال أجانب عنك، وهو ما لا يجوز شرعا، كما سبق أن بينا بالفتوى رقم: 30003.

وما حدث لك معهم لهو خير دليل على ما جاء في الحديث الصحيح، نعني الحديث الذي رواه أحمد وغيره عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون أحدكم بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما.

وإننا لنعجب أن يتكرر منك هذا الفعل أكثر من مرة، وأن يصل بك الأمر إلى نزع الحياء من وجهك وإبدائك جسدك عاريا أمام من هو أجنبي عنك، فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح وقطع أي علاقة لك برجل أجنبي سواء الأستاذ المذكور أم غيره، وهو أجنبي عنك بلا شك، فكل من ليس بزوج أو محرم للمرأة فهو أجنبي عنها، وهو ليس بزوج لك حتى تجب عليك طاعته، وراجعي شروط التوبة بالفتوى رقم: 5450.

فإذا أتيت بهذه الشروط واستقام أمرك وحسن حالك فأنت تائبة، ولا تلتفتي إلى ما يقول لك هذا الرجل من شروط للتوبة ما أنزل الله بها من سلطان، ونوصيك بسلوك سبيل الاستقامة واتخاذ أسباب الثبات على الدين والتي قد ذكرنا جملة منها بالفتويين رقم: 1208، ورقم: 12744.

وما أوردت من أسئلة سنجيب عنه في النقاط التالية:

النقطة الأولى: لا يجوز للمسلمة أن تكشف ستر ربها عليها ولو لزوجها فضلا عن غيره، بل الواجب عليها أن تستر على نفسها، وراجعي الفتوى رقم: 14725.

وعدم الإخبار بالماضي لا يعتبر خداعا، ولكن لا يجوز المصير إلى الكذب الصريح مع إمكان التخلص بالمعاريض، وانظري الفتوى رقم: 112195.

النقطة الثانية: الوطء في الدبر يعتبر من الزنا الحقيقي الموجب للحد، كما أوضحنا بالفتوى رقم: 37894.

النقطة الثالثة: لا يجوز للمسلم أن يلعن نفسه ولو في سياق اليمين، فإن هذا ذنب عظيم، وهو أعظم إثما إن كان في سياق الكذب، فالواجب التوبة منه، ولا يلزم أن يصبح المسلم ملعونا بسبب ذلك اللعن الذي صدر منه.

النقطة الرابعة: التائب من الذنب ربما يكون حاله بعد التوبة أحسن من حاله قبلها، فاقطعي التفكير في الماضي وأحسني العمل في المستقبل لتسعدي ـ بإذن الله ـ قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل:97}.

النقطة الخامسة: المرء قد يحرم الرزق بالذنب يصيبه، فلا يبعد أن يكون ما اقترفت من ذنب سبب إعراض هذا الرجل عنك ولكن لا تهتمي لهذا الأمر، بل توجهي إلى ربك وسليه أن يرزقك زوجا صالحا، وراجعي الفتوى رقم: 18430.

النقطة السادسة: الحجاب الشرعي له مواصفات معينة، فكل لباس توافرت فيه كان حجابا شرعيا بغض النظر عن نوع هذا اللباس، وراجعي شروط الحجاب بالفتوى رقم: 6745.

كما أن التوبة من التفريط في الحجاب ليست شرطا في التوبة من غيره، قال النووي في رياض الصالحين: ويجب على العبد أن يتوب من جميع الذنوب, فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب وبقي عليه الباقي. اهـ.

النقطة السابعة: لا يمكننا الجزم بشيء بخصوص ما إن كان هذا الرجل أحسن خلقا منك أم لا، إلا أنه قد ارتكب من الفاحشة ما يدل على رقة دينه وصفاقة وجهه، فكيف يشنع عليك وهو غارق معك في الرذيلة!!! وعلى العموم إن تقدم أحد لخطبتك فاسألي الثقات من الناس ممن يعرفونه عن دينه وخلقه، واستخيري الله تعالى في أمر زواجه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني