الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعاء الله تعالى وسؤال الفردوس من العمل

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(إذا سألتم الله فسألوه الفردوس فإنها أعلى الجنة ومنها تفجر أنهار الجنة )هل الإنسان عندما يعمل عملا صالحا يسيرا ويسأل ربه الفردوس ينالها جعلنا الله من أهل الفردوس وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الحديث الذي ذكره السائل الكريم حديث صحيح، مخرج في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما.
فعلينا أن نؤمن به قطعاً، ونمتثل التوجيه النبوي الكريم الذي أرشدنا إليه صلى الله عليه وسلم، وأن نسأل الله تعالى الفردوس الأعلى، فالدعاء هو العبادة، وفضل الله تعالى لا تحده حدود، ولا تقيده قيود. وقد قال تعالى:وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].
ولتعلم -أخي الكريم- أن دخول الجنة ليس مقابل العمل، وإنما العمل سبب فقط لدخول الجنة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: قاربوا وسددوا واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ولا يشكل عليك هذا مع قول الله عز وجل:ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32]. بسبب عملكم وليس بمقابله، لأن عمل الإنسان مهما كان فلن يقابل أبسط نعمة منَّ الله بها عليه، وأحرى أن يساوي موضع سوطه في الجنة.
وربما يعمل الإنسان العمل القليل، أو يتكلم الكلمة البسيطة من رضى الله تعالى يتقبلها الله تعالى فتكون سبباً في نيل الفردوس الأعلى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما رجل يمشي في طريق اشتد به العطش، فرأى بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يأكل الثرى من شدة العطش! فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له. متفق عليه
وكذلك بالمقابل، جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب. فالتوفيق بيد الله، والمحروم من حرمه الله تعالى.
والحاصل أن على المسلم أن يسأل الله تعالى الفردوس الأعلى كما أرشده الرسول صلى الله عليه وسلم ولو لم يعمل إلا القليل. وليعلم أن دعاء الله تعالى وسؤال الفردوس من العمل، فالتوفيق بيد الله، وقد أمرنا بالدعاء، ووعدنا عليه بالإجابة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني