الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأرضون السبع والمصابيح المزينة للسماء في ضوء العلم الحديث

السؤال

هل السماوات السبع داخل الكون؟ وهل صحيح أن بينهن 500 عام؟ لأن الكون يبدو أكبر من هذا، وهذا يستحيل إذا كانت الأولى في الثانية كحبة في صحراء، والله يقول: ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ـ فما هي تلك المصابيح في العلم الحديث؟ وماذا عن الأرضين السبع؟ وهل في كل سماء توجد إحدى تلك الأرضين؟ وهل عليهن حياة لأنهن اختصصن من دون بقية الكواكب؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكون يشمل كل الموجودات التي خلقها الله تعالى، ما علمنا منها وما لم نعلمه، ومن جملة ذلك السموات السبع، فهي جزء يسير من هذا الكون الفسيح! وأما المسافة بين الأرض والسماء الدنيا، وبين كل سماء والتي تليها، فقد سبق لنا الكلام عنها فراجع الفتويين رقم: 46340، ورقم: 122901، وما أحيل عليه فيهما.

ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 125630.

وأما المصابيح: فقال ابن الجوزي في زاد المسير: هي النًّجوم، والمصابيح: السُّرُج، فسمِّي الكوكب مصباحاً، لإضاءته. اهـ.

وقال ابن عاشور: في التحرير والتنوير: المراد بالمصابيح: النجوم، استعير لها المصابيح لما يبدو من نورها. اهـ.

وقال ابن كثير: هن الكواكب المنيرة المشرقة على أهل الأرض. اهـ.

وقال ابن جزي في التسهيل: يعني الشمس والقمر والنجوم، وهي زينة للسماء الدنيا، سواء كانت فيها أو فيما فوقها من السموات. اهـ.

وأما الأرضون السبع: فقد سبق لنا الكلام عنها في الفتويين رقم: 35459، ورقم: 20448.

ونؤكد هنا على أن العلم بحقيقة الأرضين السبع لا يمكن القطع به، قال الألوسي في رسالته: ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة بالبرهان ـ أما الأرضون السبع فقد حارت فيها عقول المفسرين، وذكروا فيها أقوالا كثيرة، وقد جعلها الله تعالى مثل السماوات، والمثلية تصدق بالاشتراك في بعض الأوصاف، فقال الجمهور: المثلية هاهنا في كونها سبعا، وكونها طباقا بعضها فوق بعض، بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السماء والأرض، وفي كل أرض سكان من خلق الله عز وجل لا يعلم حقيقتهم إلا الله تعالى.... ويمكن أن تكون الأرضون وكذا السماوات أكثر من سبع، والاقتصار على العدد المذكور الذي هو عدد تام لا يستدعي نفي الزائد فقد صرحوا بأن العدد لا مفهوم له.

هذا وكثير من الأخبار في أمر السماوات والأرض والكواكب لا يعول عليها كما أشار إليه النسفي في بحر الكلام، وكذا ما قاله قدماء أهل الهيئة ومحدثوهم، وفي كل مما ذهب الفريقان إليه ما يوافق الأصول وما يخالفه، وما الشريعة الغراء ساكتة عنه لم تتعرض له بنفي أو إثبات.. وفي الجملة من صدق بسعة ملك الله تعالى وعظيم قدرته عز وجل لا ينبغي أن يتوقف في وجود سبع أرضين على الوجه الذي قدمناه، ويحمل السبع على الأقاليم أو على الطبقات المعدنية والطينية ونحوهما، وليس ذلك مما يصادم ضروريا من الدين أو يخالف قطعيا من أدلة المسلمين. اهـ.

وقال الدكتور أحمد أبو الوفا في رسالته تقويم الأعمال التي تناولت الإعجاز العلمي والطبي في السنه النبوية: يلاحظ أنه في أعمال الإعجاز العلمي التي ترتبط بالمعارف غير المستقرة والاحتمالية والتي ليست قطعية، فإن أسلوب المطابقة يؤدي إلى استدلالات ظنية، وعلى المشتغلين بهذه الأعمال أن ينتبهوا لذلك، وأن يطمئنوا إلى أن نصوص الآيات القرآنية والأحاديث النبوية قادرة على استيعاب المتغيرات العلمية، فمثلا عندما يقرؤون قول الله سبحانه وتعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ {الطلاق: 12} ويطالعون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين ـ فإنهم يطبقون تلك النصوص على الأبحاث الفلكية التي تميل إلى أن الأرضين السبع كلها في الأرض، وهي الطبقات السبع التي تتكون منها الأرض، وقد تأتي البحوث الفلكية في المستقبل لتوضح النص القرآني: ومن الأرض مثلهن ـ والنص الحديثي: سبع أرضين ـ على نحو علمي آخر، لكنه يطابق تلك النصوص. اهـ.

وقال الأستاذ الدكتور منصور حسب النبي رئيس قسم الفيزياء في جامعة عين شمس: إن العلم لا يعرف إلى الآن ماهي السماوات والأرضون السبع, ولكننا نستطيع أن نفهم من الآيات القرآنية مثل قوله تعالى: الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن... أن هناك ستة أرضين أخرى غير أرضنا, ولكل أرض سماؤها التي تعلوها، ومما يؤيد هذا التفسير قول سيدنا الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم: اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن ـ مما يفيد بأن لكل أرض سماء تعلوها, وقال تعالى: ومن الأرض مثلهن ـ وإن هذه الأرضين والسماوات يتنزل بينهن الأمر الإلهي المشار إليه في الآية الكريمة أعلاه, الذي لا بد أن يكون موجها إلى كائنات عاقلة موجودة على هذه الأرضين الست الأخرى التي قد يتمكن العلماء في المستقبل من الكشف عنها بقوله تعالى: ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير {سورة الشورى: 29} وفي ذلك إشارة إلى احتمال التقاء العوالم المختلفة في الحياة الدنيا أو في الآخرة. اهـ.

وبذلك يعلم أن وجود حياة على غير الأرض أمر محتمل، ولكن ذلك يكون لخلق آخرين غير بني آدم، فقد ذكر الشيخ ابن عثيمين في الفوائد المستنبطة من قوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {البقرة: 36} أنه لا يمكن العيش إلا في الأرض لبني آدم، قال: ويؤيد هذا قوله تعالى: فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون {الأعراف: 25} وبناءً على ذلك نعلم أن محاولة الكفار أن يعيشوا في غير الأرض إما في بعض الكواكب، أو في بعض المراكب محاولة يائسة، لأنه لا بد أن يكون مستقرهم الأرض. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني