الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إهانة الزوجة إرضاء للأهل ليس من الإنصاف

السؤال

أنا متزوجة منذ 6 سنوات, في أول سنتين كنت مغتربة, ونزلت إجازة لمدة سنتين, وعشت في شقتي التي تعلو منزل أهل زوجي, والذي هو وحيدهم الذكر, وعنده 3 أخوات, منهن أخت متزوجة, والباقيتين تزوجن تباعًا, ومشكلتي هي معاملة أهل زوجي, حيث كانت مثالية في بداية الأمر, ومع الاحتكاك اليومي ظهر ما لم يكن في الحسبان, فأنا - ويشهد الله على ما أقول, وكفى به شهيدًا - كنت أجتهد في معاملتهم كأمي وأبي, ولكنهم ومع ارتباطهم الشديد بولدهم كانوا يسيئون معاملتي في مواقف عديدة, ويعتبرون شقتي ما هي إلا غرفة للنوم يصعد إليها زوجي متأخرًا بعد قضاء أكثر الأوقات معهم, ومطلوب مني يوميًا أن أنزل بأطفالي, وبالتالي أهمل شقتي وحقوقي, وللأسف فزوجي لا ينصفني منهم, ويقف في صفهم دومًا؛ مما يدفعهم لإهانتي, وأنا التي يَشهَد لها الجميع بالاحترام, وحسن الالتزام, ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ مما دفعني إلى غيبتهم وكرههم, وأحاول الاحتساب, ولكني في بعض المواقف لا أطيق.
وفي الأخير سافرنا ثانية وابتعدنا عنهم, ولكن زوجي يرسل لهم كل عام زيارة للعمرة, ولا مشكلة, وأخدمهم وأحتسب الأجر عند الله, وهذا العام أنا حامل, وحملي متعب جدًّا - والحمد لله - وطلبت من زوجي أن يؤجل الزيارة لأننا سوف ننزل إجازة, ولكنه رفض, وأصرَّ على إحضارهم وأنا مريضة, وسيذهب للحج معهم(خامس حجة للوالد, ورابع حجة للوالدة, وليس الفرض) ويتركني مع أطفالي وحملي دون جيران ثقات ولا معارف, وعندما اعترضت طلب مني النزول لأهلي في مصر, مع العلم أن الطبيبة منعتني من السفر لخطورة وضعي قبل فترة محددة, وأهلي ظروفهم لا تسمح بتحملي لمرض أخي وأمي, ولا يوجد من يخدمني, لقد حجز زوجي للحج, ولكني أشعر بمرارة الظلم, ونفسي لا تطيقه, وأحاول الصبر والاحتساب, ولا أحتمل؛ مما دفعني لقول: حسبي الله على والديه, وأنا لا أحب الغيبة, ولا الدعاء على أحد, وأتألم لما أفعل, وأتحدث مع الناس عنهم, فهل أنا مظلومة فعلاً, وادعو لي بأن يطهر الله قلبي من الرياء والنفاق, ولساني من الغيبة والنميمة, فأنا أحب الله, وأحفظ من القرآن, وأسعى لختمه, وأتمنى أن يكون أبنائي من الصالحين, وأحب الناس والمودة, ولكنهم دفعوني بأفعالهم إلى كره كل شيء, وأتألم كثيرًا من ظلمهم لي في أكثر من موقف, ولا أستطيع نسيان معاملة زوجي لي, فمعاملته لي بعيدًا عنهم تكون جيدة جدًّا, فإذا حضروا وتدخلوا في كل شيء ينقلب إلى شخص آخر, فيهينني ويتجاهلني, ولا يهتم بأمري.
فأفيدوني - بالله عليكم - علمًا بأني مريضة بالقولون العصبي, وعصبية بعض الشيء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يطهر قلبك من الرياء والنفاق، ولسانك من الغيبة والنميمة، وأن يتقبل الله منا ومنك صالح العمل، وأن يثيبك على الصبر الجميل، وأن يشكر لك المسعى الحسن، وأن يعينك على ما فيه صلاح الدنيا والأخرى، إنه سبحانه كريم ولي مجيب.

هذا؛ وقد بينا في الفتوى رقم: 26050، والفتوى رقم: 49762، ما يجب على الزوج تجاه ما يحصل بين زوجته وأهله، وما ينبغي أن يكون عليه في ذلك من الإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه دون ميل إلى طرف، أو حيف على طرف.

كما بينا في الفتوى رقم:33290، أنه لا يجب على الزوجة خدمة أهل زوجها شرعاً، ولكن ينبغي ذلك إحساناً إلى الزوج وتطييباً لخاطره،

كما سبق أن بينا حكم غياب الزوج عن زوجته دون إذنها, وذكرنا أمد الغياب وشرطه في الفتوى 125105، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 183131، أنه إذا كان المسكن موحشا تتضرر المرأة بالمبيت فيه فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن الواجب على الزوج أن يأتي لزوجته بمؤنسة تبيت معها, فانظري كل تلك الفتاوى المحال عليها, فإن فيها بالتفصيل بيان ما يشكل من أمر العلاقة الزوجية في هذا الصدد.

وبالجملة: فالذي ننصحك به أن تطوي صفحة تلك الأوقات التي خلت بحلوها ومرها فتسامحي من أساء إليك منهم, فالعفو أقرب للتقوى، وتستسمحي من أسأت إليه قبل فوات الأوان، ثم لا تغتابي أهل زوجك، ولا تذكريهم عند أحد بسوء، فالغيبة أيًّا كانت معول هدم، وليست وسيلة بناء، وأخيرًا نوصيك أن تعضي بالنواجذ على ما أنت عليه من صبر، واحتمال للأذى، وسلامة صدر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني