الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استخدام رخص متضمنة لشروط مخالفة للشرع إن لم يوجد ما يقوم مقامها

السؤال

سؤالي عن الرخص "الحرة" الخاصة بكل شيء من لغات البرمجة، وأدواتها، والمحتوى على الإنترنت، وكثير غير ذلك.. هذه الرخص هي عبارة عن وثائق قانونية يضعها المالك، فمثلًا ينص على أنه يحق لك الاستفادة من هذا البرنامج والتعديل عليه بدون أي شروط نهائيًا، إلا أن يكون أي برنامج ناتجا عن عمله هذا تحت نفس الرخصة! مشكلة هذه الوثائق أنها تذكرني بالاحتكام إلى غير شرع الله، أي قد يصل الأمر لو صح هذا القول إلى الكفر إن كان عن رضىً، وهذا لأن الشروط لا يدخل فيها ما يخص الأوامر الدينية وهي بالتأكيد مقدمة على أي شروط أخرى، بل إني مرة قرأت نصًا في أحد المواقع بأن الشروط حتى الدينية (وذكروا كذلك السياسية) ليست مستثناة من الشرط - وإن كان هذا النص بحسب علمي ليس منتشرًا (لم أره في مكان آخر) والله أعلم، لكنه على كل موجود ضمنيًا في الكلام بأنه لا شروط أصلًا.. ومن هنا سؤالان، الأول استخدام مكتبة برمجية أو غيرها في أعلى الملف نص مشابه: "هذه المكتبة تخضع لرخصة كذا وكذا" وتكون هذه الرخصة من النوع المذكور، فهذا استعمال بغير تعديل أي أن هذا شرط المالك الأساسي، والسؤال الثاني هو ما حكم التعديل ثم إعادة النشر تحت هذه الرخص؟ أعني السؤال الأول ما حكم الاستعمال (وترك نص "تخضع للرخصة الفلانية")؟ والثاني حكم تعديل شيء ثم الالتزام بالشرط ونشر العمل الجديد تحت نفس الرخصة؟ علمًا بأنه تقريبًا لا مفر من هذا الأمر، لكن ليس دائمًا يكون نشر الرخصة واجبًا. ففي العادي تكون شرطًا إذا كان "الكود" يصل للمستخدم قبل تنفيذه، ولا تكون شرطًا إذا كان داخليًا لا يصل للمستخدم. مثال: في موقعكم الكريم لغة البرمجة المستعملة رغم أنها تخضع لرخصة (ربما مشابهة - لست متأكدًا 100% من شروطها)، إلا أنها لا تستلزم نشر الشروط علنًا، بينما بعض الأشياء الأخرى (في مواقع أخرى أقصد) قد تستلزم ذلك. وفي حالتي - ولا أريد أن أقول أكثر الحالات - لا غنى عن كلا النوعين! فما حكم استعمال ما هو تحت هذه الرخصة بشرط الإشارة إلى المالك وإلى الرخصة؟ وما حكم تعديل العمل تعديلًا بسيطًا ثم وضع المالك الأصلي والرخصة، الفرق في هذه الحالة أني هكذا قانونيًا لعلي قد أكون أنتجت عملًا آخر من العمل الأول ووضعته (إلزاميًا) تحت نفس الرخصة بنفسي! هل يمكن مثلًا أن أقول بما أن هذا المنتج لا يصلح في الغالب الأعم لأي شيء محظور شرعيًا (ربما مثلًا برنامج وقت الصلاة!) فلا يكون هناك مشكلة من نشره "حرًا" بلا شروط؟ خصوصًا إن كان ذلك إزاميًا بسبب استعمال برنامج آخر فيه يستلزم ذلك.. أو ربما يكون نسخ نص "حر" بهذه الطريقة مطلوبًا مني في الدراسة، وأكون مخيرًا بين كسر حقوق الملكية بأخذ نص غير "حر"، أو نسخ نص وحذف البعض منه لأغراض، ثم التوضيح بأنه يتبع للرخصة الفلانية التي تنص على أنك تستطيع نسخ وتعديل هذا النص بشرط ذكر المالك الأصلي والنشر تحت نفس الرخصة. لعل هذا السؤال مقارب لسؤال النص في العقد على التحاكم إلى المحاكم (غير الشرعية عادةً) وعموم البلوى به.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج في استخدام مثل هذه الرخص و لو كانت تتضمن شروطا مخالفة للشرع إن لم يوجد ما يقوم مقامها، لأن هذه الشروط مما عمت به البلوى، والمنع من استخدام الرخص والبرامج التي تتضمن مثل هذه الشروط مما يوقع الناس في الحرج والمشقة، وما جعل الله عز وجل على عباده في الدين من حرج ، ولينو المسلم عند استخدامها إقرار ما كان جائزا دون ما كان محرما مخالفا للشرع، ولا يترك الاستفادة منها لأجل تلك الشروط ، ولا فرق بين استخدامه هذه الرخص كما هي أو تعديل عمل و نشره تحت هذه الرخص ، ولا فرق بين أن تكون هذه الشروط معلنة أو مخفية.

وراجع الفتويين : 153425 ،131264.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني