الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في الأخذ بالرخص الشرعية

السؤال

أنا أعاني من كثرة الإفرازات المهبلية ولقد أرسلت فتوى من ثلاث سنوات لموقع إسلامي موثوق به فقال لي الشيخ ’’ بالنسبة لرطوبة الفرج فالجمهور على نجاستها وعلى نقضها للوضوء ’’ وأخبرني أن أتبع حكم السلس وفعلت ذلك وأصبحت أتوضأ لكل صلاة حتى لصلاة القيام ثم أعيد الوضوء لصلاة الصبح وهكذا، كما أني أصبحت أحرص على نظافة ملابسي وأحيانا يصل البلل إلى ملابسي الخارجي فأضطر إلى تغييرها أيضا وأصبحت أرتدي الحفاضات النسائية بشكل دائم رغم خوفي مما قد تسببه على المدى البعيد.
كذلك إذا كنت في زيارة فالوضوء لكل صلاة يسبب لي الإحراج أمام أقاربي، أما في السفر فأتذكر آخر مرة أن السفرة دامت يومين ورغم أن الجمع بين الصلاتين يسّر علي كثيرا إلا أنه في صلاة الصبح اضطررت أن أطلب من أبي أن ينتظر دخول وقت الصلاة للوضوء ولكن أحيانا يقبل وأحيانا يتجاهل طلباتي وبحكم أني لا أستطيع إخباره بحالتي فإني أتألم كثيرا، وفي إحدى المرات توقف بنا لأداء الصلاة في المسجد وكان لا يحتوي على مغسلة نسائية فاضطررت إلى أن أصلي دون أن أستنجي أو أتوضأ وأحسست أن صلاتي آنذاك لم تقبل، كما أنه أحيانا يتوقف بالسيارة في مكان طلق للصلاة فقط ولا يوجد فيه دورة مياه نسائية ولا مكان مستور أكشف فيه حجابي للوضوء. فماذا أفعل يا أهل الذكر؟؟
قرأت عن هذا الأمر وعلمت أن فيه خلافا وهناك من يسّر وهناك من شدّد كما سمعت الشيخ عبد الله المصلح يقول ذات مرة إن الإفرازات البيضاء كالعرق أما الصفراء فلا، فلم أفهم ما يقصد فما الفرق بينها وبين البيضاء؟
ماذا أفعل؟ هل أتبع الأيسر وفي هذه الحالة أخاف أن أكون ممن يتتبعون الرخص علمهم؟ أم أتبع هذا الرأي حتى أنهي دراستي وأتزوج ثم أرجع للرأي الأول؟؟
وهل إذا اتبعت رأيا مخالفا بعد أن أفتاني الشيخ في الماضي أكون آثمة؟ وكيف أتخلص من الشعور الذي بداخلي أني إذا اتبعت الرأي الأيسر فإن صلاتي لن تقبل وسأكون متتبعة للرخص؟ كما أريد أن أعرف كيف التوفيق بين أن الرسول ما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما وبين حديثه ((ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) ؟؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلمي أولا أن الواجب على العامي إذا اختلفت عليه أقوال العلماء أن يقلد من يثق به منهم سواء كان في قوله التشديد أو التيسير، وانظري الفتوى رقم 120640 والأخذ ببعض الرخص للحاجة قد أجازه كثير من العلماء وليس هو من الترخص المذموم، وانظري الفتوى رقم 134759 ويجوز لك الانتقال من تقليد هذا الشيخ إلى تقليد غيره ممن تثقين فيه بالضابط الذي بيناه في الفتوى رقم 186941 وإن احتجت للعمل بقول من يرخص مدة معينة ثم ترجعين للقول الأحوط فلا حرج عليك وبخاصة إذا كان من أفتاك به ممن تثقين بعلمه وورعه، ولا ينبغي أن تجدي في نفسك حرجا من العمل بهذا القول لمجرد كونه الأسهل فإن دين الله يسر، والله لم يجعل علينا في الدين من حرج، وتتخلصين من هذا الشعور بأن تستحضري أن هذا هو ما تقدرين عليه وأنه الموافق لما أفتاك به الثقة من أهل العلم وأن الأخذ بالأشد ليس متعينا.

وأما كون هذه الإفرازات ناقضة للوضوء فلكونها تخرج من السبيل، وكل ما خرج من أحد السبيلين فهو ناقض للوضوء، فهذا وجه إلحاقها بالسلس أو الاستحاضة، وقد بينا لك كون هذه الإفرازات طاهرة على الراجح عندنا.

وأما كون النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما فهذا حق، ولا يتنافى هذا مع وجوب ترك الحرام واستحباب اتقاء الشبهات، فإن هذا خاص بما كان مباحا، فلو خير بين مباحين اختار أيسرهما ولا يدخل في هذا ما علم تحريمه ولا ما كان من المشتبهات، ولتنظر الفتوى رقم 132994

واعلمي أن الاحتياط للدين مهما أمكن أمر حسن، وانظري الفتوى رقم 184251.

وبخصوص مسألتك فرطوبات الفرج عندنا طاهرة لكنها ناقضة للوضوء، وانظري الفتوى رقم 110928 والمبتلاة بسلس هذه الرطوبات لا يلزمها الاستنجاء وإنما تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ومذهب المالكية أن صاحب السلس لا يلزمه الوضوء لكل صلاة، ولا حرج في العمل بهذا المذهب عند الحاجة الشديدة، وأما الصفرة فهي نجسة وليست هي من رطوبات الفرج، وهي حيض في مدة العادة أو إذا كانت متصلة بالدم على ما نفتي به، وانظري الفتوى رقم 134502 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني