الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شبهة حول ورود أحاديث ضعيفة وموضوعة في كتب السنة

السؤال

هل صحيح أن كتبة الحديث يوردون جميع المرويات التي يسمعونها دون تدقيق عن صحتها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الكلام يحتاج إلى تفصيل: فإن أراد السائل أن أهل الحديث لا يعرفون صحة الأحاديث من ضعفها وإنما يوردونها بدون معرفة كحاطب ليل, فهذا كلام باطل ولا يصح, ومن نظر في حال المحدثين وقرأ في تراجمهم علم بطلان هذا الكلام, وأنهم أهل معرفة وضبط وتحر وإتقان.

وأما إن أراد السائل أن من المحدثين من يورد في كتبه أحاديث صحيحة وضعيفة وحتى موضوعة, فيقال هذا الأمر على قسمين: فهناك من المحدثين من اشترط الصحة في كتابه فلم يرو إلا حديثًا صحيحًا عنده وهؤلاء كالبخاري ومسلم وغيرهما, وهناك من لم يشترط إيراد الحديث الصحيح فقط, فلم يشترط أصحاب السنن والمسانيد والمعاجم والمستخرجات والمستدركات وغيرها الصحة فيما رووه من أحاديث؛ لذلك تجد عندهم الصحيح والحسن والضعيف الذي لم يستكمل شروط الصحة، بل والموضوع أحيانًا.

قال أبو داود صاحب السنن في مقدمة سننه: "فما كان فيه من ضعف بينته، وما سكت عنه فهو صالح" وعليه, فلا يحكم على أحاديث هذه الكتب بالصحة بمجرد إخراج أصحابها لها، ولذلك لا بد من التنصيص على صحتها من مؤلفي هذه الكتب أو من غيرهم من علماء الحديث، كما سبق في الفتوى رقم: 54410.

ولا يطعن في علمهم وإتقانهم وعدالتهم أنهم رووا الأحاديث المختلفة المراتب فكون هؤلاء أئمة أعلامًا، لا يلزم منه تصحيح كل ما رووه؛ لأنهم لم يشترطوا الصحة كما اشترطها البخاري ومسلم في صحيحيهما، حتى ما رواه البخاري في بقية كتبه كالأدب المفرد, وخلق أفعال العباد, والتاريخ, فيه الصحيح والضعيف، وكانوا رحمهم الله يروون الأحاديث الضعيفة بأسانيدها لينظر فيها العلماء فيعلموا علة الضعيف، ومن أسند فقد سلم, وانظر فتوانا رقم: 58266.

وكان للعلماء دور عظيم في معرفة قوي الحديث من ضعيفه, وصحيحه من سقيمه، وقد نال الجميع قبولاً ورواجًا عند الأمة، فاطلعوا على كل حديث فيها, وبينوا درجته بعد البحث المتواصل والجهد المضني الذي توصلوا من خلاله إلى معرفة الرواة وحالتهم وتاريخ وفياتهم إلى غير ذلك، حيث نتج عن ذلك علم لم تُسْبَقْ إليه هذه الأمة من قبل، وهو علم الرجال والجرح والتعديل.
ولا شك أن من يحاول أن يشكك في صحة هذه الكتب أو ثقة أصحابها، فإنما يهدف من وراء ذلك إلى هدم الدين، والنيل من علماء الأمة المشهود لهم عبر العصور بالعدالة والاستقامة، هذا فضلاً عن اتهام الأمة بالغباء والسذاجة في تلقيها رواية هؤلاء من غير دراية منها لحالهم, هذا في ما يتعلق بالحديث ورواته, وانظر فتوانا رقم: 34537 بعنوان تفنيد شبهات حول تدوين الحديث وكتابة السيرة والتاريخ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني