الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صفة النصارى الذين هم أقرب مودة للذين آمنوا

السؤال

قوله تعالى: ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ( 82 ).
هل نزلت هذه الآية في النجاشي، ومن معه من النصارى المشركين الذين أسلموا بعد ذلك. أم إنها نزلت في نصارى مسلمين يتبعون شريعة سيدنا عيسى عليه السلام، وعند ما سمعوا بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام آمنوا به ودخلوا في الإسلام ؟
قال قتادة: هم قوم كانوا على دين عيسى بن مريم، فلما رأوا المسلمين وسمعوا القرآن أسلموا ولم يتلعثموا.
فما معنى قول قتادة. والمعلوم أن دين عيسى عليه الصلاة والسلام هو الإسلام كغيره من الأنبياْء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذه الآية نزلت في كل من اتصف بالوصف المذكور فيها –كما قال المحققون من أهل التفسير- وقد قال بعضهم إنها نزلت في النجاشي وأصحابه، وقيل نزلت في أناس من أهل الكتاب كانوا على شريعةٍ من الحق مما جاء به عيسى، يؤمنون به وينتهون إليه. فلما بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، صدَّقوا به وآمنوا به، وعرفوا الذي جاء به أنه الحق، فأثنى عليهم. وقيل غير ذلك.
قال الطبري: والصواب في ذلك من القول عندي: أنّ الله تعالى وصف صفة قوم قالوا "إنا نصارى"، أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يجدهم أقربَ الناس وِدادًا لأهل الإيمان بالله ورسوله، ولم يسمِّ لنا أسماءهم. وقد يجوز أن يكون أريد بذلك أصحابُ النجاشي، ويجوز أن يكون أريد به قومٌ كانوا على شريعة.
وأما قول قتادة فمعناه أنهم كانوا يؤمنون بنبي الله عيسى ويتبعون شريعته، فلما بعث الله نبينا صلى الله عليه وسلم آمنوا به أيضا واتبعوا شريعته كما قال تعالى في وصف هذا النوع من أهل الكتاب: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ {القصص:52} وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ {القصص:53}.أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ{القصص:54}.

ودين عيسى والأنبياء جميعا واحد وإن اختلفت الشرائع والجزيئات باختلاف الأزمنة والأمكنة. فإن الأسس والكليات متفقة كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ {الأنبياء:25}. وانظر الفتوى رقم: 39118.

وسبق بيان تفسير الآية في الفتوى رقم: 28378.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني