الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القول القبيح لا يحسنه القصد الحسن

السؤال

هل اللفظ في الشريعة يحمل دائمًا على معناه الحقيقي حتى لو لم يقصد ذلك المعنى؟
فقد قرأت في إحدى المواقع أن الزوج إذا أمر زوجته بأمر ما فقالت له: "ما هذه الوقاحة؟" وهي مازحة, وتقصد بها تلطيف الجو, وإدخال السرور إلى قلب الزوج، وهو بدوره يعلم أنها مازحة، ثم قامت وأحضرت له ما يريد، حتى لو كان الأمر كله مجرد مزح, فالزوجة تأثم على تلك الكلمة, وعندما استفسرت منهم أجابوا بقولهم: اللفظ الصريح في اللغة - كقول ما هذه الوقاحة؟ - معناه الذم, فمن أطلقه - وكان يفهم المعنى - لا ينقذه كونه مازحًا, قال تعالى: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد", وأما اللفظ الذي يحتمل في لغة العرب أكثر من معنى فينظر فيه إلى قصد القائل, لكنني لم أرتح للإجابة، أفلا تدخل هذه الحالة تحت حديث: إنما الأعمال بالنيات؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل في الكلام أن يحمل على حقيقته، ولا يجوز صرفه إلى معنى مجازي إلا لقرينة صارفة له عن المعنى الحقيقي إلى هذا المعنى المجازي، وهذا ما نص عليه أهل العلم, قال أبو بكر الجصاص في كتابه الفصول في الأصول: ومتى تناول اللفظ معنيين هو في أحدهما مجاز وفي الآخر حقيقة, فالواجب حمله على الحقيقة, ولا يصرف إلى المجاز إلا بدلالة؛ لأن الأظهر من الأسماء أن كل شيء منها فهو مستعمل في موضعه، ولا يعقل منه العدول به عن موضعه إلا بدلالة. اهـ, وهذا إذا كان اللفظ يحتمل معنيين، وأما إذا كان لا يحتمل إلا معنى واحدًا فلا يحمل إلا عليه, وهذا من جهة العموم.

وأما بخصوص هذه الحالة المسئول عنها؟ فإن لفظ الوقاحة لفظ ذم، جاء في المعجم الوسيط: (وقح) (يوقح) وقاحة ووقوحة صلب, والرجل قل حياؤه, واجترأ على اقتراف القبائح, ولم يعبأ بها. اهـ, ولم يذكر أهل اللغة لها معنى غير هذا, فنسبتها إلى الشخص - إذن - نوع من السب والشتم لا يرتضيه الشرع، روى أحمد والترمذي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء", والقصد الحسن قد يعذر معه صاحبه فلا يؤاخذ به, ولكنه لا يحسن العمل السيء.

وينبغي للمسلم أن يعود لسانه أن ينطق بالخير, ويجتنب كل لفظ يحتمل سوءًا فضلًا عن اللفظ الذي لا يحتمل إلا السوء, قال النووي في شرحه على صحيح مسلم عند الحديث:" إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوى بها في النار": وهذا كله حث على حفظ اللسان كما قال صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت " وينبغي لمن أراد النطق بكلمة أو كلام أن يتدبره في نفسه قبل نطقه، فإن ظهرت مصلحته تكلم، وإلا أمسك. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني