الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كافل اليتيم هل يدخل في زمرة المجاهدين وينجو من ضمة القبر

السؤال

لدي صديق يرعى أرامل ويتامى ومطلقات, ويوفر لهم التعليم والمال والعناية الصحية, وكل شيء يحتاجونه لوجه الله, امتثالًا للحديث التالي عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله, أو القائم الليل الصائم النهار" فهل يحسب مجاهدًا في سبيل الله فينجو من ضمة القبر, والصعق عند النفخ في الصور, وسؤال الملكين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك في فضل هذا العمل, ففي تبويب النووي لصحيح مسلم: باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم, وتحت هذا الباب الحديث المذكور والحديث الآخر: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة.

ولا نعلم ما يفيد أنه يحصل لصاحب هذا العمل جميع ما يحصل للمجاهدين, ولكن قد ذكر بعض أهل العلم أنه يحشر في جملة المجاهدين, فقد قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري عند الكلام على هذا الحديث الذي سألت عنه: من عجز عن الجهاد في سبيل الله وعن قيام الليل وصيام النهار، فليعمل بهذا الحديث, وليسع على الأرامل والمساكين ليحشر يوم القيامة في جملة المجاهدين في سبيل الله دون أن يخطو في ذلك خطوة، أو ينفق درهمًا، أو يلقى عدوًا يرتاع بلقائه، أو ليحشر في زمرة الصائمين والقائمين وينال درجتهم وهو طاعم نهاره نائم ليلة أيام حياته، فينبغي لكل مؤمن أن يحرص على هذه التجارة التي لا تبور، ويسعى على أرملة أو مسكين لوجه الله تعالى فيربح في تجارته درجات المجاهدين والصائمين والقائمين من غير تعب ولا نصب، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . اهـ
هذا؛ وننبه إلى أن ضمة القبر لا ينجو منها أحد مجاهدًا كان أو غيره، ويدل لذلك أن من أعظم الشهداء شأنًا سعد بن معاذ ولم ينج منها, وقد جاء في ذلك، ما رواه النسائي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا الذي تحرك له عرش الرحمن - يعني سعد بن معاذ - وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفًا من الملائكة، لقد ضُم ضمة ثم فرج عنه.

وعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن للقبر ضغطة، لو كان أحد ناجيًا منها، نجا منها سعد بن معاذ. رواه أحمد, وفي معجم الطبراني الكبير, وصححه الألباني في صحيح الجامع عن أبي أيوب - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أفلت أحد من ضمة القبر، لنجا هذا الصبي. قاله صلى الله عليه وسلم بعدما دفن صبيًا، والصبي لا ذنب له.
وهذه الضمة لا تعتبر من عذاب القبر بالنسبة للمؤمن, فهي إنما تحصل للمؤمن عند بداية نزوله في القبر, ثم يفسح له قبره مد البصر بعد ذلك.

و قال السفاريني في لوامع الأنوار: قال أبو القاسم السعدي: والفرق بين المسلم والكافر في ضمة القبر دوامها للكافر، وحصول هذه الحالة للمؤمن في أول نزوله إلى قبره ثم يعود الانفساح له فيه.. قال: والمراد بضغطة القبر التقاء جانبيه على جسد الميت. انتهى, وراجع الفتوى رقم: 134117.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني