الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من التقط أمتعة وطعاما في مكة

السؤال

أكرمني الله بالحج هذا العام - والحمد لله - وقد وجدت مخدة وغطاء في الشارع بالعزيزية فاستخدمتهم فترة الحج وأخذتهم معي, فهل هذا حرام؟ كما أننا وجدنا كيسًا به بعض البسكويتات في زاوية عند رمي الجمرات فأخذتها, ولا أريد إدخال شيء حرام على أسرتي وأولادي, فهل تعتبر من لقطة مكة؟ ولو كان حرامًا فماذا أفعل؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فالأمتعة التي وجدتها تعتبر لقطة, تجري عليها أحكام اللقطة, وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 14308 أن الراجح من أقوال العلماء أنه لا فرق بين لقطة الحرم وغيره، ولا بين لقطة الحاج وغيره، فإنه يحل لواجدها أخذها، ويلزمه تعريفها كما يلزم تعريف غيرها, وما دمت قد أخذتها فإنها إن كانت تافهة ولا قيمة لها ولا تتبعها نفوس الناس فلا حرج عليك في الانتفاع بها من غير تعريف, قال ابن عبد البر: وأما التافه النزر اليسير الحقير مثل التمرة, والفتاتة, والزبيبة فيؤكل ذلك, ولا تبعة فيه. اهــ
وقال الإمام ابن قدامة: ولا نعلم خلاًفا بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به، وقد روي ذلك عن عمر, وعلي, وابن عمر, وعائشة، وبه قال عطاء, وجابر بن زيد, وطاووس, والنخعي, ويحيى بن أبي كثير, ومالك, والشافعي, وأصحاب الرأي. اهــ
وإن كانت لها قيمة فإنه يلزمك تعريفها سنة, ولك أن تدفعها للجهات المسؤولة في الحرم عن الأمتعة الضائعة وتبرأ ذمتك بذلك, قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - عن تسليم لقطة الحرم للجهات المسؤولة:
إن كان هناك هيئة أو لجنة أو طائفة من قبل ولي الأمر لتلقي الضائع فليأخذها وليؤدها إلى هذه اللجنة أو الهيئة التي عينها ولي الأمر، لأن أخذها وتسليمها لهؤلاء خير من أن تبقى في الأرض فتضيع أو يأخذها إنسان لا يهتم بها ويتملكها. اهــ
وقد سئل الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى - عمن التقط ساعة في الحرم وبقيت عنده سنين فقال: الواجب على المذكور أن يرد اللقطة المذكورة إلى المحكمة الكبرى بمكة؛ حتى تسلمها للجنة المكلفة بلقط الحرم، وبذلك تبرأ ذمته, مع التوبة إلى الله سبحانه من التقصير إذا كان لم يعرفها في المدة الماضية ... اهــ
والبسكويت الذي وجدته كذلك إن كان يسيرًا تافهًا ليس له قيمة في عرف الناس ولا تتبعه نفوسهم فلا حرج عليك في أكله, وإن كان له قيمة عرفًا وتتبعه نفوس الناس وخيف فساده فإنه يأخذ حكم لقطة الطعام يخير واجده بين التصدق به أو أكله وضمان قيمته, وانظر الفتوى رقم: 130910 عن لقطة الطعام, والفتوى رقم: 188579 فيمن من تصرف في اللقطة قبل تعريفها سنة.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني