الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اشتراط غرامة بسبب التأخر عن السداد

السؤال

أعمل في شركة للأواني ومنتجات المطبخ, وبفضل الله هي للنساء فقط, فلا يوجد بها اختلاط, كما أني أعمل بها من البيت, فأذهب يومًا في الأسبوع فقط لأطلب الطلبية, وأستلم الطلبية السابقة.
سؤالي هل يوجد شبهة في عملي الذي أعمله؟ أرجو الإفادة في عدة نقاط:
النقطة الأولى: هل توجد شبهة في الفرق الذي يوجد في عملي؟ ونسبة المديرة من الفرقة نظير مجهودها معهم, وعملي هو مسئولة مبيعات في فريق, والشركة عبارة عن مجموعة فرق مكونة من مسؤولات للمبيعات, ويقود كل فرقة مديرة, وتأخذ المديرة نسبة نظير مجهودها مع فريقها, فكلما حقق فريقها نجاحًا يزيد مرتبها الذي تتقاضاه من الشركة, فمرتبها عبارة عن نسبة 4% من مشتريات مسئولات المبيعات التي تقودهم, علمًا أنها إذا تكاسلت عن متابعة فريقها تفقد منصبها كمديرة, وتصير مسئولة مبيعات, وليست مديرة.
النقطة الثانية: أنا كمسئولة مبيعات آخذ المنتجات بسعر مخفض عن سعر الكتالوج بنسبة 29%, وأعرض الكتالوج على الجمهور بأسعاره, ومن يطلب منتجًا أطلبه له وآتيه به, ثم آخذ منه حقه, فهل في هذا شبهة؟.
النقطة الثالثة: عندما اتفقت مع الشركة ووقعت على العقد, كان ينص على أن من حقي كمسئولة مبيعات أن آخذ المنتجات التي طلبتها دون أن أدفع لهم, على أن أوقع على وصل أمانة بقيمة فاتورة الطلبية غير زائدة شيئًا, بشرط أن أدفع لهم قيمة الفاتورة خلال أسبوعين من طلبي للطلبية, وإذا تأخرت عن دفع الفاتورة أتعرض لغرامة قيمتها 10 % من قيمة الفاتورة, في حين إذا دفعتها في موعدها أدفعها كما هي غير زائدة, فهل في ذلك شبهة ربا؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك نقاطًا نجمل الجواب عنها فيما يل :

أولًا: حكم عملك مسؤولة مبيعات ضمن فريق نسائي لا حرج فيه.

ثانيًا: كون أجرة المديرة المسؤولة عن متابعة عمل الفريق نسبة من مشتريات مسئولات المبيعات اللواتي تقودهن, وليست مبلغًا محددًا.. في جواز ذلك خلاف بين العلماء سبق بيانه في الفتوى رقم: 70079, وعلى القول بحرمته فإن ذلك لا يؤثر على عملك المباح، لكن تنصح المديرة وجهة العمل بتغيير العقد والخروج من الخلاف بتحديد أجرة المديرة لتكون مبلغًا معلومًا.

ثالثًا: ما تقومين به من عرض المنتجات على الزبائن فإذا ما حدد الزبون سلعة ما تشترينها من الشركة بسعر أقل مما عرض في "الكتالوج" ثم تبيعينها لمن طلبها منك بالسعر المعروض في "الكتالوج" لا حرج فيه, شريطة ألا يتم بيع بينك وبين الزبون قبل دخولها في ملكك؛ للنهي عن بيع ما لا يملك المرء.

رابعًا: كون الشركة تبيعك المنتج بأقل مما هو معروض في الكتالوج؛ لكونك مسؤولة مبيعات لا حرج فيه، ولا يلزمك إخبار المشتري بالثمن الحقيقي إن كان البيع بيع مساومة, وقد بينا الأحوال التي يجب فيها على البائع بيان أصل السعر في الفتوى رقم: 135333.

خامسًا: اشتراط الشركة لغرامة بسبب التأخر عن السداد بعد عشرة أيام شرط محرم لا يجوز قبوله, ولا دخول في عقد يتضمنه؛ لما قرره مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الـ 11 المنعقدة في مكة المكرمة في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409هـ الموافق 19 شباط (فبراير) 1989 إلى يوم الأحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 شباط (فبراير) 1989 في موضوع السؤال التالي: (إذا تأخر المدين عن سداد الدين في المدة المحددة، فهل له - أي البنك - الحق بأن يفرض على المدين غرامة مالية جزائية بنسبة معينة، بسبب التأخير عن السداد في الموعد المحدد بينهما؟).

وبعد البحث والدراسة، قرر مجلس المجمع الفقهي بالإجماع ما يلي: أن الدائن إذا شرط على المدين أو فرض عليه أن يدفع له مبلغًا من المال غرامة مالية جزائية محددة, أو بنسبة معينة إذا تأخر عن السداد في الموعد المحدد بينهما، فهو شرط باطل، ولا يجب الوفاء به، بل ولا يحل، سواء كان الشارط هو المصرف أو غيره؛ لأن هذا بعينه هو ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه.

وبناء عليه؛ فالواجب عليك وعلى غيرك من المسؤولات تغيير صيغة التعامل هذه بإسقاط هذا الشرط، أو التخلي عن هذا العقد إن لم يمكن ذلك, وأما ما سبق من العقود فلا يفسد بسبب ذلك الشرط الفاسد, لكن يلزم تفاديه فيما يستقبل, وانظري الفتويين: 179249 178985.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني