الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من نذر نذرا وهو جاهل بحكمه وماذا يفعل من نسي نذره

السؤال

عندما كنت في عمر 16 أو 18 – بين هذين السنَّين - كنت أسمع عن النذر ولم أكن أفهم معناه, وكنت أظن أن أي شخص ينذر يتحقق له ما يريد, وبناء على ذلك قررت أن أنذر على أن يتحقق طلبي - وهو: أن أشفى من مرضي - وقد نذرت مرتين ونسيت ما نذرت عليه, وأتذكر شيئًا بسيطًا منه, ولست متأكدة منه, فأتوقع أني قلت: "إن أعطيتني - يا رب - فلن أعصيك أبدًا", وهذا هو النذر الأول, والنذر الثاني أتوقع أني قلت: "إن أعطيتني - يا رب - فسوف أصوم شهرين أو أكثر" وهل هي متتابعة أم لا؟ الله أعلم, وأتذكر أني كنت أسمع أناسًا يقولونه وكنت أقلدهم, وأتوقع أني نذرت بها كلها على نفس المرض, فماذا عليّ؟ أرجو أن ترد عليّ, فأنا محتارة في أمري, ولم أشفَ من مرضي تمامًا, علمًا أن عمري الآن 30 سنة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت السائلة تعلم أن النذر هو التزام طاعة مقابل الحصول على الشفاء مثلًا - كما هو الظاهر من السؤال - فإنها لا تعذر بالجهل, وعليها أن تفي بنذرها إذا تحقق ما علقت عليه نذرها وهو الشفاء في إحدى الصيغتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. رواه البخاري، وقال النووي في المجموع: فَإِذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِمَا الْتَزَمَ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ؛ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ السَّابِقِ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يطيع اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ. انتهى, علمًا بأن تحديد الشفاء الذي إذا حصل لزم النذر هل هو الشفاء التام أم أي شفاء يرجع فيه إلى قصد الناذر, فإذا كان يقصد الشفاء التام ولم يحصل فلا يلزمه النذر بحصول بعضه, وفي حال حصول المعلق عليه فيجب الصيام حسب ما يغلب على الظن من عدده, أو كونه متتابعا أم لا، وبذلك تبرأ الذمة - إن شاء الله تعالى - لأنه هو المستطاع، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 117055، أما إذا كانت ـ كما أشارت ـ جاهلة, وفي بيئة جاهلة, وهي لا تدري شيئًا عن معنى ما تلفظت به، فإنها تعذر بالجهل ولا شيء عليها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 130811.

أما الصيغة الأخرى وهي قولها: "إن أعطيتني - يا رب - فلن أعصيك أبدًا" فهي من نذر ترك المعصية وقد سبق بيان ما يجب فيه مع ذكر الخلاف في انعقاده أصلًا في الفتوى رقم: 156967، هذا عن النذر الذي تتذكره.

أما ما نسيته: فقد بينا في الفتوى رقم: 106465، ما يفعله من نذر نذرًا ثم نسيه، وذكرنا فيها أن للعلماء فيها قولين: الأول: أنه يتحرى فإن غلب على ظنه شيء عمل به، وإلا فعل الجميع ليخرج من نذره بيقين، والقول الثاني: أنه يكفر كفارة يمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني