الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حرمة أكل الفيل والتمساح

السؤال

هل يدخل الفيل في حديث رواه البخاري، ومسلم، ومالك عن أبي ثعلبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطيور.
فالفيل له ناب، لكنه ليس من السباع. الحديث واضح. فلماذا حرم في فتوى رقم:51420؟
هناك أنواع من الفيلة ليست لها أنياب، وهناك أنواع من الغزلان لها أنياب مثل غزال المسك.
أرجو الإجابة بالتفصيل لأني لست مقتنعا بالإجابة في فتوى رقم: 51420 .
ما حكم أكل لحم التمساح؟ التمساح له ناب ومن السباع، لكن يعيش في البحر مثل القرش، ويتنفس الهواء مثل الحوت والدلفين، ويموت التمساح إذا جلس فترة طويلة في البر، وهناك نوع من السمك يسمى رأس الثعبان يستطيع العيش على اليابسة مدة ثلاثة أيام، وهناك ثعبان البحر وغيرها من الحيونات الكل يستطيع الخروج من الماء مدة معينة.
فلماذا التمساح هو الوحيد المحرم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجمهور العلماء على تحريم أكل الفيل.

قال محمد الأمين الشنقيطي: (ومن ذلك الفيل: فالظاهر فيه أنه من ذوات الناب من السباع، وقد قدمنا أن التحقيق فيها التحريم لثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مذهب الجمهور. وممن صححه من المالكية: ابن عبد البر، والقرطبي. وقال بعض المالكية كراهته أخف من كراهة السبع، وأباحه أشهب، وعن مالك في المدونة كراهة الانتفاع بالعاج: وهو سن الفيل. وقال ابن قدامة في (المغني): والفيل محرم. قال أحمد: ليس هو من أطعمة المسلمين، وقال الحسن: هو مسخ، وكرهه أبو حنيفة، والشافعي، ورخص في أكله الشعبي، ولنا نهى النَّبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع، وهو من أعظمها ناباً، ولأنه مستخبث فيدخل في عموم الآية المحرمة للخبائث اهـ. وقال النووي في شرح المهذب: الفيل حرام عندنا، وعند أبي حنيفة والكوفيين، والحسن. وأباحه الشعبي، و ابن شهاب، ومالك في رواية. وحجة الأولين أنه ذو ناب اهـ).

فالحجة في تحريمه بالإضافة إلى أنه ذو ناب، أنه مستخبث، وكل مستخبث محرم، كما بيناه في الفتوى رقم: 23482.

وبعض أنواع الفيلة تعدو بنابها، فهي من السباع.

قال النووي رحمه الله تعالى: (قالوا: والمراد بذي الناب ما يتقوى بنابه ويعدو على الحيوان كما ذكره المصنف، فمن ذلك الأسد والفهد، والنمر، والذئب، والدب، والقرد، والفيل، والببر بباءين موحدتين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة، وهو حيوان معروف يعادي الأسد ويقال له أيضاً الفُرانِق بضم الفاء وكسر النون، فكل هذه المذكورات حرام بلا خلاف عندنا إلا وجها شاذا في الفيل خاصة أنه حلال، حكاه الرافعي عن الإمام أبي عبد الله البوشنجي من أصحابنا، وزعم أنه لا يعدو من الفيلة إلا العجل المغتلم كالإبل والصحيح المشهور تحريمه)

أما التمساح فهو محرم على الراجح، كما هو مذهب الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة.

قال المحب الطبري الشافعي: وإنما حرم التمساح كما قال الرافعي في الشرح: للخبث والضرر، نعم، كلام التنبيه يقتضي أن تحريمه لكونه مما يتقوى بنابه، ولا ينبغي تعليل تحريمه بذلك، فإن في البحر حيواناً كثيراً يفترس بنابه كالقرش وغيره، وهو حلال. اهـ.

وجاء في الروض المربع: (ويباح حيوان البحر كله) لقوله تعالى: {أحل لكم صيد البحر} [المائدة: 96] ، (إلا الضفدع) لأنها مستخبثة، (و) إلا (التمساح) لأنه ذو ناب يفترس به. اهـ.

فعلة تحريمه أمران: أنه يفترس بنابه، وأنه مستخبث، وليس تحريمه لمجرد أنه يعيش في البر والبحر معا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني