الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إسقاط جزء من الدين مقابل التعجيل بسداده

السؤال

زميلي جاءه عرض من شركة تويوتا بأنه إذا دفع 10 آلاف ريال مما تبقى عليه من قسط السيارة - والبالغ 24 ألفًا - سيتم خصم باقي المبلغ 14 ألف ريال, ولكنه ليس معه مال, فعرضت عليه أن أدفع له الـ10 آلاف؛ كي أوفر له الـ14 ألفًا؛ في مقابل أن يدفع لي ال10 على أقساط 20 ألفًا, وتم التراضي بيننا على ذلك, فبدلًا من أن يدفع 24 قسطًا للشركة سيدفع لي أنا بدلًا من الشركة 20 قسطًا فقط, فما حكم الشرع في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعرض الشركة على صاحبك إسقاط جزء من الدين في حال تعجيله للسداد قبل حلول أجل الدين هو المعروف بمسألة: "ضع وتعجل"، وقد ذهب إلى تحريمها جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة؛ لأنها ربا, قال أصحاب الموسوعة: يرى جمهور الفقهاء أنه إذا كان لرجل على آخر دين مؤجل فقال المدين لغريمه: ضع عني بعضه وأعجل لك بقيته، فإن ذلك لا يجوز عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وكرهه زيد بن ثابت, وابن عمر, والمقداد, وسعيد بن المسيب, وسالم, والحسن, وحماد, والحكم, والثوري, وهيثم, وابن علية, وإسحاق، فقد روى أن رجلًا سأل ابن عمر فنهاه عن ذلك، ثم سأله فقال: إن هذا يريد أن أطعمه الربا, وروي عن زيد بن ثابت أيضُا النهي عن ذلك، وروي أن المقداد قال لرجلين فعلا ذلك: كلاكما قد أذن بحرب من الله ورسوله. اهـ
ونقل الجواز عن ابن عباس - رضي الله عنه -، وبه قال أحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم, وبهذا القول أخذ مجمع الفقه الإسلامي بشرط ألا يقع الاتفاق على ذلك عند العقد، فقد قرر في مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 - 14 أيار (مايو) 1992م ، ما نصه: (الحطيطة من الدين المؤجل؛ لأجل تعجيله، سواء أكانت بطلب الدائن أو المدين (ضع وتعجل) جائزة شرعًا، لا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق).

وأما ما عرضته على صاحبك من إقراض المبلغ له ليدفعه للشركة على أن يسدده إليك بأكثر منه مقسطًا فهذا صريح الربا، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:278-279].

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني