الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كراهة صيام يوم السبت ليست على إطلاقها

السؤال

ما حكم صوم يوم السبت عند الأئمة الأربعة؟
وهل الحديث الذي استند إليه الشيخ الألباني - رحمه الله - في تحريم صومه مضطرب؟ وإن صادف السبت يوم عاشوراء فهل يجوز صومه؟ وأيهما سنده أقوى صوم عشوراء أو عدم صوم السبت؟
جزاكم الله خيرًا, وبارك الله فيكم، وفي علمكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فيكره إفراد يوم السبت بالصوم في مذاهب الأئمة الأربعة, وتنتفي الكراهة عندهم بأن يصام معه يوم قبله أو يوم بعده, وكذا إذا صادف يومًا يصومه الإنسان كمن يصوم يوما ويفطر يومًا , جاء في الموسوعة الفقهية: إِنْ أَفْرَدَ الصَّائِمُ يَوْمَ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ: الأْوَّل: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى كَرَاهَةِ إِفْرَادِ يَوْمِ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ أُخْتِهِ الصَّمَّاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلاَّ فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلاَّ لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ اهــ, وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا إِفْرَادُ يَوْمِ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ إِذَا قَصَدَ الصَّائِمُ بِصَوْمِهِ التَّشَبُّهَ بِالْيَهُودِ, وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ صَوْمَ يَوْمِ السَّبْتِ لاَ يُكْرَهُ إِنْ وَافَقَ يَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ قَبْل ذَلِكَ, الثَّانِي: ذَهَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ صِيَامُ يَوْمِ السَّبْتِ مُفْرَدًا، وَقَال الْمَرْدَاوِيُّ: لَمْ يَذْكُرِ الآْجُرِيُّ كَرَاهَةً غَيْرَ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَظَاهِرُهُ لاَ يُكْرَهُ غَيْرُهُ, ..... ذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِكَرَاهَةِ إِفْرَادِ صَوْمِ السَّبْتِ إِلَى أَنَّ الصَّائِمَ لَوْ صَامَ مَعَ يَوْمِ السَّبْتِ يَوْمًا آخَرَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لاَ يُكْرَهُ صَوْمُهُ, وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ تَرَدُّدَ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ فِي زَوَال كَرَاهَةِ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ إِذَا صَامَ مَعَهُ يَوْمَ الأْحَدِ، حَيْثُ قَال: إِذَا صَامَ مَعَ يَوْمِ السَّبْتِ يَوْمَ الأْحَدِ هَل تَزُول الْكَرَاهَةُ؟ مَحَل تَرَدُّدٍ؛ لأِنَّهُ قَدْ يُقَال: إِنَّ كُل يَوْمٍ مِنْهُمَا مُعَظَّمٌ عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، فَفِي صَوْمِ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَشَبُّهٌ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ، وَقَدْ يُقَال: إِنَّ صَوْمَهُمَا مَعًا لَيْسَ فِيهِ تَشَبُّهٌ؛ لأِنَّهُ لَمْ تَتَّفِقْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَلَى تَعْظِيمِهِمَا مَعًا، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَيَظْهَرُ لِي الثَّانِي بِدَلِيل أَنَّهُ لَوْ صَامَ الأْحَدَ مَعَ الاِثْنَيْنِ تَزُول الْكَرَاهَةُ؛ لأِنَّهُ لَمْ يُعَظِّمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ مَعًا، وَإِنْ عَظَّمَتِ النَّصَارَى الأْحَدَ. اهـــ

وأما إذا صادف يوم السبت يوم عاشوراء فإنه لا كراهة في صيامه حينئذ, كما بينا في الفتوى رقم: 120002.

وأما حديث النهي عن صيام يوم السبت فقد تكلم فيه جمع من جهابذة السنة, كما تقدم في فتوانا رقم: 119239.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني