الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خلع الحجاب من غير ضرورة قاهرة من بيع الدين بالدنيا

السؤال

أنا متزوجة من قريب لي منذ سنة, وعلاقتنا جيدة, وهو - الحمد لله - إنسان جيد ومحترم جدًّا بشهادة ناس كثير, وهو مغترب بدولة أوربية, وأنا سأسافر إليه قريبًا, وأنا أريد أن أكمل دراستي وأعمل هناك, خصوصًا أننا ما زلنا في بداية حياتنا الزوجية, لكنه فاجأني بطلبه أن أخلع الحجاب؛ لأنه يرى أن فرص أي محجبة في العمل قليلة, ولخوفه عليّ؛ لأنه قتلت امرأة هناك لأنها مسلمة محجبة, ولخوفه أن أعامل بقسوة, وأن تضيع فرص كثيرة مني, وقد حاولت أن أقنعه بكل الطرق, لكنه مصمم, وشرطه أن أخلع الحجاب قبل أن أذهب إليه, وهو لا يعارض لبس الحجاب, لكنه يقول: البسيه بعد أن تؤمني مستقبلك بعد أن تدرسي أو تعملي, ثم بعد ذلك فالأمر إليك فالبسيه كما تشائين, لكن لبسه منذ البداية صعب للأسباب التي ذكرتها قبل, وبيننا مشكلة كبيرة جدًّا الآن بسبب هذا الموضوع, ومن الصعب جدًّا أن نترك بعضنا؛ لأن عائلتينا قريبتين من بعض جدًّا, ولأني متعلقة به جدًّا, وأنا أتمنى إرضاءه لكني لا أريد أن أرضيه بما يغضب الله, لا أعرف ماذا أفعل؟ فساعدوني, وقد سمعت أنه من الممكن لبس الباروكة, وأنه لا حرج فيه, فهل هذا منطقي؟ واللهُ يعلم عظم هذا الموضوع في نفسي, وأتمنى أن يحل؛ لأني تعبت نفسيًا, ولم يعد عندي أي حل, فأرجو الرد سريعًا؛ لأن سفري قريب جدًّا ومرهون بأن أخلعه فهل أخلعه؟
شكرًا مقدمًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحجاب فريضة على المرأة المسلمة, لا يجوز لها خلعه إلا لضرورة، وقد سبق بيان أدلة فرضية الحجاب بالفتوى رقم:5561, وليس من حق الزوج أمر زوجته بخلعه، ولا يجوز لها طاعته في ذلك، ثبت في الصحيحين عن علي - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إنما الطاعة في المعروف ", وفي مسند أحمد عن علي أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل ", وخلع الحجاب لأجل شيء من متاع الدنيا الزائل نوع من بيع المسلم دينه بدنياه، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم, يصبح الرجل مؤمنًا ويمسى كافرًا, أو يمسى مؤمنًا ويصبح كافرًا, يبيع دينه بعرض من الدنيا "

والهجرة إلى بلاد الكفر إن كانت قد يترتب عليها تفريط المرء في شيء من دينه فإنها لا تجوز، وراجعي الفتوى رقم: 2007, ولا تقوم الباروكة مقام الحجاب في غطاء الرأس, وقد وردت لنا فتاوى بلبسها بدل الحجاب, ولكن ذلك في حالة خاصة هي حالة الضرورة, كما هو مبين بالفتوى رقم: 127635 والفتوى رقم: 150907 وننبه هنا إلى أن نفقة الزوجة واجبة على الزوج.

فالذي نوصيك به هو محاولة إقناع زوجك في ضوء ما ذكرنا, مع دعاء الله تعالى أن يوفقك في ذلك، وما ذلك على الله بعزيز، ويمكنك إطلاعه على مضمون هذه الفتوى إن أمكن، ويمكنك أيضًا الاستعانة عليه ببعض العلماء, أو من ترجين أن يستجيب لكلامه من الأقارب والفضلاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني