الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الحج مع العزم على ترك بعض الواجبات

السؤال

منّ الله علي بالحج هذا العام قارنا، ولكن نظرا لعدم حصولي على تصريح، وظروف إقامة الأهل في جدة، وعدم رغبتي في تركهم بمفردهم فترة طويلة، ولا مزاحمة الحجيج في منى بالافتراش، فقد نويت من البداية عدم المبيت في منى، وأوصيت أحد الأصدقاء بذبح الفدية، والهدي عني.
ومر يوم عرفة، والمبيت بالمزدلفة ولله الحمد، وانتهيت من الرمي كذلك، والطواف، ثم عدت مسرعا إلى جدة إلى الأهل، وقصرت شعري ومكثت معهم هذا اليوم، ولكني شعرت بالتأثم لعدم المبيت في منى، فنويت أن أحاول المبيت في الليلة القادمة. وفي الصباح اتصلت على الصديق لأجعله يتأخر في ذبح الفدية فوجدته قد ذبحها فعلا؛ وفي المساء وكنت أتجهز للذهاب إلى مكة للرمي طرأ طارئ في العمل، فلم أستطع الذهاب لا هذا اليوم ولا اليوم التالي وهو يوم الثاني عشر، فوكلت عني في الرمي، وقام الوكيل بالرمي والتعجل والحمد لله.
وسؤالي هو: ما الذي علي فعله الآن حيث إنني لم أرم ليومين (و لكني وكلت لعذر) ولم أبت في منى (مع أني فديت عنه ولكن هل
الفدية بهذا الوصف مجزئة؟ وما هو توقيت ذبح الفدية ؟ بعد انتهاء الليالي أم خلالها؟) ولم أطف طواف وداع (مع العلم بأنني استحضرت نية الوداع مع طواف الإفاضة -إذا كان لازما- حيث إنني كنت أنوي ترك مكة) ؟
و جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكان أولى لك أن تقدم على الحج عازما على أداء واجباته كلها، أما أن تنوي ابتداء ترك بعضها، فهذا تقصير منك، وإساءة. والواجب عليك الآن وقد كان منك ما كان أمور هي كالتالي:

1 - التوبة إلى الله تعالى حق التوبة مما أقدمت عليه من الإساءة والتقصير تجاه حجك هذا.

2 - يلزمك الهدي في ترك المبيت بمنى في الليالي الثلاث لغير عذر، لأن ما ذكرته من الأسباب لا يكفي مبررا شرعيا لترك المبيت الواجب.

3 - يلزمك الهدي أيضا عن التوكيل في الرمي لغير عذر مبيح لذلك شرعا. وراجع الفتوى رقم: 144895 .

4 - طوافك الوداع حصل قبل استكمال المناسك، فيلزمك هدي عنه، إذ هو واجب يلزم بتركه الدم.

قال الإمام النووي رحمه الله: ومحل طواف الوداع عند إرادة السفر من مكة بعد قضاء مناسكه كلها.

وراجع الفتوى رقم: 58685 والفتوى رقم:143379 .

وأما ذبح هدي المبيت فوقته بعد حصول سببه، وهو ترك مبيت الليالي الثلاث بمنى، فإن الذبح على الراجح لا يجب إلا بترك الليالي الثلاثة، فأما الليلة والليلتان ففيهما المد والمدان، كما بينا في الفتوى رقم: 18217 .

قال في البيان: وإن ترك المبيت ليلة أو ليلتين.. ففيه ثلاثة أقوال، كما لو حلق شعرة أو شعرتين، فإن قيل: لم أوجبتم الدم بترك المبيت ليلة الثالث، وهي مما يجوز له تركها قيل: إنما يجوز له تركها إذا بات الليلة الأولى والثانية.

ومن ذبح قبل حصول السبب لغير عذر فلا يجزئه الذبح.

قال في الإقناع: ووقت ما وجب بفعل محذور من حين وجوبه، وإن فعله لعذر فله ذبحه قبله، وتقدم، وكذا ما وجب لترك واجب، وإن ذبح قبل وقته لم يجزئه، وصنع به ما شاء وعليه بدل الواجب.

ومن مجموع ما تقدم، فالذي نراه أن ذبحك لهذا الهدي قبل الأيام الثلاثة لا يجزئك، فينبغي أن تعاود الذبح مرة ثانية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني