الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى مسؤولية الآباء عن تصرفات الأبناء

السؤال

هل يحاسب الوالدين على أعمال ابنتهم يوم القيامة, حتى لو تزوجت وتركت بيت أهلها؟ وهل أعمال البنت من حسنات وسيئات في ميزانها وميزان والديها حتى تموت؟ فهذا سبب قول الناس: "همُّ البنات للممات", وهل تسحب أباها وأخاها بشعرها يوم القيامة إذا كانت لا تغطي رأسها في الدنيا؟ وهل هناك دليل شرعي؟
مع خالص احترامي وشكري.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل في الشرع أن لا يحمل أحد ذنب أحد، قال تعالى: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}, وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

لكن الواجب على الوالدين أن يحسنوا تربية أولادهم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. {التحريم:6}

فإن قصَّروا في التربية فهم مسؤولون؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْأَمِيرُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. متفق عليه.

كما أن الوالدين يأثمان إذا أعانا ولدهما على المعصية, أو يسَّرا له أسبابها, أو أقرَّاه عليها.

وأما حسنات الولد - ذكرًا أو أنثى - فهي له, ويثاب الوالد أو الوالدة عليها إذا كان هذا العمل نتيجة تربيتهما له, أو نصحه وتعليمه, ونحو ذلك؛ مما يكون له أثر في اهتدائه لهذا العمل، ويجعلهما داخلين في مضمون قوله صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى هدى فإن له من الأجر مثل أجور من تبعه. رواه مسلم.

أما أن يثاب الوالدان بمجرد عمله الذي لم يكن لهما تسبب فيه، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 136723 وما أحيل عليه فيها.

وأما المقولة الشائعة من كونها تسحب أباها وأخاها وزوجها إلى النار إذا كانت متبرجة, فقد ذكرنا في بعض الفتاوى السابقة أنا لم نطلع عليه منسوبًا للحديث النبوي, ولا على ما يدل على صحته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني