الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى حديث: منى مناخ من سبق

السؤال

بعد الشكر لأصحاب الفضيلة الفقهاء المفتين بالموقع، أود الاستفسار عن حديث: منى مناخ من سبق.
هل يجوز للحملات التي تأتي من خارج البلاد حجز أماكن في منى؟ وهل لمن سبق للحضور يوم التروية ووجد خيمة فارغة أن يجلس فيها باعتبار منى مناخ من سبق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أخرج أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، عن يوسف بن ماهك، عن أمه مسيكة، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نبني لك بمنى بيتا أو بناء يظلك من الشمس؟، فقال: «لا، إنما هو مناخ من سبق إليه». وصححه الحاكم، وقال النووي: إسناده جيد، وقال الذهبي: إسناده صالح، وقال ابن القيم: مثل هذا الحديث حسن عند أهل العلم بالحديث. اهـ . لكن أشار ابن خزيمة لضعفه بقوله: إن ثبت الخبر، فإني لست أعرف مسيكة بعدالة ولا جرح، ولست أحفظ لها راويا إلا ابنها. اهـ.

وقد استدل العلماء بهذا الحديث على أن أرض منى والمشاعر لا تملك، ولا يجوز بيعها ولا إجارتها.

وجمهور العلماء يرون أن رباع مكة كلها لا تملك، فلا تباع ولا تؤجر، كما سبق في الفتوى رقم: 61410، وحتى الشافعية الذي يرون جواز ذلك، يستثنون منى والمشاعر.

جاء في منهاج الطالبين للنووي: ويجوز إحياء موات الحرم دون عرفات في الأصح، قلت: ومزدلفة، ومنى كعرفة. اهـ.

أما الخيام الموجودة الآن بمنى، فقد أنشئت لمصلحة الحجاج حيث إنها مضادة للحريق، وذلك بدلا عن الخيام العادية التي كان ينصبها الحجاج بأنفسهم وكانت تكثر فيها الحرائق، وقد أفتت هيئة كبار العلماء في السعودية في القرار رقم (185) بجواز إنشاء الخيام الموجودة الآن، وقد نص القرار على اعتبار الأسبقية في توزيع الخيام على الحجاج، كما نقل ذلك الدكتور علي الشلعان في كتابه " نوازل الحج ".

وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين: ما حكم استئجار الخيام في منى إلى الحجاج؟
فأجاب: أرض منى مشعر، ومحل لأداء النسك، وهو المقام بها حتى تنقضي أيام الحج، فلا يحل بيع أرضها، ولا تأجير الأرض، وإنما هي منزل لمن سبق إليها، لحديث "منى مناخ من سبق" وهكذا لا يجوز أخذ أرض زائدة عن قدر حاجة القافلة، بل من سبق إلى أرض فإنه يأخذ منها بقدر حاجته وحاجة رفقته، ويدع الباقي للحجاج، ينزل به من سبق، وهكذا لا يجوز أن يطلب أرضا واسعة، ويبنى فيها خياما ويؤجرها، حيث إنه أخذ ما لا يحتاجه من أرض المشعر، لكن يجوز أن يؤجر الخيمة قبل نصبها وبنائها، والمستأجر هو الذي ينصبها إذا لم يكن معه خيمة، فله أن يستأجر من أهل الخيام المطلوبة، ويقوم ببنائها، ويحدد الأجرة التي هي مقابل الخيمة، لا مقابل الأرض التي هي غير مملوكة. اهـ.

فالأصل أن من استأجر الخيام بمنى فهو أحق بها، فلا يجوز الجلوس فيها إلا بإذنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني