الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علم النجوم.. المباح والمنهي عنه

السؤال

قال الله تعالى: "ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنًا تبتغون عرض الحياة الدنيا", وقال تعالى: "الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقًا لهم درجت عند ربهم ومغفرة ورزق كريم", وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات" أي: من صحت نيته, وشهد بالله موحدًا قبل إسلامه - وإن كان مجنونًا - ومن صلى بنية صحيحة قبلت صلاته كذلك وكل أعماله, وهو واعٍ, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المسلم أخو المسلم, لا يظلمه, ولا يخذله, ولا يحقره, بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" أي: حتى المجنون لا ينبغي احتقاره إن كان مسلمًا, وقال تعالى محدثًا عن الخضر: "قال إنك لن تستطيع معي صبرًا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا", وعن ابن عباس في قوله: "سبع سماوات ومن الأرض مثلهن" قال: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم, وكفركم تكذيبكم بها, وانظر تفسير ابن كثير.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما - في هذه الآية "ومن الأرض مثلهن" قال: في كل أرض نحو إبراهيم, ونحو ما على الأرض من الخلق, وإسناده صحيح كما في فتح الباري, وحتى لا نطيل: فكيف يقبض ملك الموت أرواح الملايين في لحظة, ويجري بينه وبينهم كل ما ذكر في الأحاديث الصحيحة إذا كان الزمن واحدًا في كل الأكوان؟ والسؤال - فضيلة المشايخ - ما معنى قول الرسول الكريم: "من اقتبس علمًا من النجوم اقتبس شعبة من السحر, زاد ما زاد" مع أن الفيزياء تركز كثيرًا على دراسة الكون والنجوم, ويعتقدون من خلال حساباتهم وجود أكوان أخرى, وأكوان مستنسخة, وفارق زمني بين الأكوان, ويبحثون عن السيطرة على المادة بكل الوسائل, فهل هذا البحث منهم مشتمل على معنى السحر كما في الحديث؟
أفتونا وفقكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أخبر القرآن أن ملك الموت يتوفى الأنفس التي حان أجلها, كما قال تعالى: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ {السجدة:11}، وليس هذا - بحول منه وقوة - وإنما بإقدار الله له, فلا عجب إذن أن يقبض أرواح العدد الكبير المتفرق في أصقاع الأرض وفي نفس الوقت, كما أن لملك الموت أعوانًا من الملائكة في مهمته هذه, وراجع الفتوى رقم: 20657.

وأما التنجيم المذموم: فهو الاستدلال بالتشكيلات الفلكية على الحوادث السفلية، وهذا منهي عنه؛ لحديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اقتبس علمًا من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه, وقال البغوي في شرح السنة: المنهي عنه من علوم النجوم ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث التي لم تقع، وربما تقع في مستقبل الزمان... وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد غيره، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ {لقمان: 34}, فأما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة فغير داخل فيما نهى عنه, قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ {الأنعام: 97}.

وقال ابن تيمية: والتنجيم كالاستدلال بأحوال الفلك على الحوادث الأرضية هو من السحر، ويحرم إجماعًا. اهـ. وراجع للتفصيل أكثر في هذا الموضوع الفتوى رقم: 134029.

وأما ما يتعلق بالفيزياء المعروفة الآن في المواد الدراسية فلا تدخل في هذا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني