الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق في الزواج بعقد مدني طلاق بائن

السؤال

تزوجت من فتاة مسلمة نمساوية بعقد مدني نمساوي, ولم أتزوج زواجًا إسلاميًا, وبعد الزواج أصبحت بيننا مشاكل ومنغصات للحياة, وفي يوم من الأيام حصل شجار عنيف جدًّا بيني وبينها وأمها, وحاولت تهدئة الوضع من خلال الخروج من البيت, لكنها أصرت على بقائي, وأخذت تدفعني, وازداد غضبي جدًّا, وكنت مجنونًا - على حد قولها هي وأمها - حتى أنهم خافوا على أنفسهم مما يمكنني فعله, وفعلًا كان دمي يغلي غليانًا, وفي وسط المعمعة قلت لها: "إنها طالق", وصدقًا لا أذكر كم مرة كررتها, لكنها أكثر من مرة, ومن ثم خرجت خارج المنزل, وبعدها عدت, وكان لدي سفر في اليوم التالي, وسافرت وأثناء سفري تكررت مشكلة أخرى شديدة, ولم أتمالك أعصابي, ومن ضمن حديثي معها, قلت لها: "إنها طالق بالثلاث" علمًا أنها كانت حائضًا في تلك الأيام, هذا ما حصل, أما سؤالي فهو: ما حكم ما فعلت؟ وهل وقع الطلاق؟ لأنني أريد ردها صراحة, ولا أريد أن تدمر حياتها وحياتي؛ لأنني بعد أن هدأت ندمت على ما فعلت, وهي كذلك, وقلت: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" فما هو الحكم؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالزواج الشرعي هو الذي تتوفر فيه شروط معينة سبق بيانها بالفتوى رقم: 1766، ومن أهمها: الولي, والشهود.

والزواج المدني - فيما نعلم - هو أن يذهب الرجل والمرأة إلى المحكمة المدنية, ويحضرون اثنين من الشهود، ثم يحصل عقد الزواج في المحكمة، وتكون بذلك زوجته عندهم, وهذا الزواج باطل على مذهب الجمهور؛ لأن الولي عندهم شرط في صحة النكاح، وذهب أبو حنيفة إلى أن الزواج صحيح، إلا أن للولي الفسخ إذا كان الزوج غير كفء، والراجح الذي تعضده الأدلة هو مذهب الجمهور، كما هو مفصل في الفتوى رقم: 4832.

وهذا الزواج المختلف في فساده تترتب عليه أحكام الزواج الصحيح، ومن ذلك أن الطلاق الذي يوقعه الزوج فيه ينفذ, وبقي أن ننظر في أمر هذا الطلاق الذي صدر منك فنقول: قولك لزوجتك في الحالة الأولى: "إنها طالق" وقعت بها طلقة, وتقع بائنة، قال المرداوي: ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه كالنكاح بلا ولي عند أصحابنا. ...... فائدتان: إحداهما: حيث قلنا بالوقوع فيه فإنه يكون طلاقًا بائنًا. اهـ. وقولك لها بعد ذلك: "إنها طالق بالثلاث" لا اعتبار له, فإذا أردت الزواج منها مرة أخرى, فلا بد من تجديد العقد على الوجه الشرعي.

وننبه إلى أمور:

الأول: أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق, إلا إذا كان صاحبه لا يعي ما يقول, وراجع في هذا الفتوى رقم: 35727.

الثاني: ينبغي للمسلم الحذر من الغضب قدر الإمكان، فإنه قد تترتب عليه عواقب سيئة؛ ولذا حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم, وانظر الفتوى رقم: 8038, وعلى الزوجين الحرص على حسن العشرة بينهما, وأن تسود بينهما المودة والاحترام.

الثالث: أن الزواج المختلف في فساده إن وجد منه ولد يلحق بأبيه للشبهة, وراجع الفتوى رقم: 22652.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني