الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخطأ مع فتاة فهل يتزوجها أم يبحث عن غيرها؟

السؤال

تعرفت على فتاة كانت زبونة عندي في محل عملي، وأعجبت بها وأعجبت بي، وصارت بيننا علاقة هاتفية، ثم تطورت إلى أن تقابلنا بالخارج، وتعلقنا ببعضنا، وكانت تخرج معي في سيارتي، وحدثت بيننا أشياء محرمة من لمس جسدها، وقبلات وغيره، لكن لم تصل لحد الزنا، ولكنني أحسست نحوها بذنب شديد؛ لأن هذا ليس طبعي، ولم أعتد على هذه العلاقات أبدا، فهذه أول مرة في حياتي، وهي أيضا أول مرة تقع مع شخص في هذا، فقد كانت ساذجة وانبهرت بي وسلمت لي نفسها، فقررت أن أخطبها ونتوب عن ذلك، وبالفعل خطبتها، ولكننا لم نتوقف عن هذه المحرمات، وظللنا نتقابل خارج البيت ونفعل ذلك، وفي كل مرة نقرر التوبة نعود لذلك مرات أخرى، وتسبب ذلك في حالة نفسية سيئة جدا لنا نحن الاثنين، وبعد أن كانت هي تصلي وتقرأ القرآن بعدت عن ربها ودينها، وأنا أيضا، وبالطبع قل حبنا لبعض لأنه اختلط بمعصية الله، ولكننا لا زلنا متعلقين ببعضنا ولا نستطيع الافتراق.
هل أخطأت عندما خطبتها من الأصل؟ وكان يجدر بي ألا أخطب فتاة سلمت لي نفسها - مع العلم أني خطبتها لأني أحتقر من يفعل هذه الأمور بفتاة ويتركها، وأن هذا ليس من الرجولة- وهل أتركها الآن ولا أكمل معها وأبدأ حياة جديدة طيبة مع فتاة أخرى على دين وخلق أم أكمل معها وأتزوجها؟( فقد حان وقت زواجنا) ونحاول أن نتوب إلى الله بعد زواجنا، ولكني أخشى أن يجعل الله حياتنا جحيما بعد الزواج بسبب ذنوبنا هذه، ويحول كل حبنا إلى كراهية لبعضنا البعض. فأنا الآن بين نارين إما أن أتركها وأخطب غيرها، ولكني أعلم أنه كما تدين تدان، وأن ما فعلته معها سيرد لي في يوم من الأيام في زوجة أو أخت أو ابنة، أم أتزوجها ولنا توبة ونبدأ سويا حياة جديدة في طاعة الله؟ رجاء أفيدوني ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنك قد أتيت من قبل التساهل في تعاملك مع هذه الفتاة الأجنبية عنك، واستغل الشيطان ذلك فأوقعكما فيما لا يحل لكما شرعا، وبهذا يعرف حكمة الإسلام في تحذيره من فتنة النساء، ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء. فالواجب عليكما المبادرة إلى التوبة فورا ومن تاب تاب الله عليه. واعلم أن الخطيبة تبقى أجنبية عن خاطبها حتى يعقد لهما، ثم إنه لا يلزم أن تعاقب بمثل ذلك مستقبلا بأن يحصل مثله مع زوجتك أو بناتك ونحو ذلك، وقد أوضحنا هذا المعنى بالفتوى رقم: 164967. فلا تشغل نفسك بالتفكير في مثل هذا. والذنوب من شأنها أن تطفيء نور الإيمان في القلب، فليس غريبا إذن شعورك وشعورها بالبعد عن الدين، فهذا من شؤم المعاصي، ولكن من تاب إلى الله وأناب عاد قلبه كما كان بإذن الله، ثبت في مسند أحمد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن المؤمن إذا أذنب كانت نكته سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه ذاك الرين الذي ذكر الله عز و جل في القرآن: { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون }".

وإذا تابت هذه الفتاة فننصحك بالزواج منها وعدم فسخ الخطوبة، فقد ثبت في سنن ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح. فما دمت قد تعلق بها قلبك كان من المناسب خطبتك لها وزواجك منها، فلا تعتبر مخطئا بخطبتك لها، وما وقع منك معها من لمم ليس بمانع شرعا من الزواج منها إن تبتما كما تقدم.

وفي نهاية المطاف إذا لم ترغب في الزواج منها وأردت فسخ الخطوبة فلا حرج في ذلك، فالخطوبة مجرد مواعدة بين الطرفين لأي منهما فسخها، والأولى عدم فسخها لغير سبب، وراجع الفتوى رقم: 18857.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني