الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

فضيلة الشيخ، أود أن أعرف أحكام الطلقات التي تلفظ بها زوجي، وهل هي واقعة أم في حكم الطلاق البدعي، أو لا؟
منذ مدة حصل بيننا شجار، وكنت حائضا، وفي تلك اللحظة قال لي: أول ما تطهرين أنت طالق، وطهرت، وحصل بيننا جماع، علما أنه بعدها بأيام قال لي ولوالدتي أنه لم يكن يقصد، وأخذ عهدا على نفسه أنه لن يطلقني ما حييت، الثانية في طهر جامعني فيه، وتشجارنا وقال لي أيضا: أنت طالق. والثالثة غبت عنه مدة شهر تقريبا، وحصلت مناوشات بيني وبينه، وأرسل رسالة على جوال والدته وقال لها: زوجتي فلانة طالق، طالق، طالق. وأريد تسريحها بإحسان، علما بأنني تركته؛ لأنه يعاني من وسواس قهري، وأمراض نفسية.
هل يقع الطلاق ؟ أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلقة التي علقها زوجك على طهرك من الحيض، قد وقعت عليك بطهرك من الحيض، وهي طلقة سنية وليست بدعية.

قال السرخسي: وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْحَائِضِ: إذَا طَهُرْتِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، كَانَ هَذَا طَلَاقًا لِلسُّنَّةِ. المبسوط للسرخسي.

وما دام زوجك قد جامعك بعد طهرك، فقد حصلت الرجعة –على قول بعض أهل العلم- وانظري الفتوى رقم: 54195.

وأما الطلقة الثانية التي وقعت في طهر جامعك فيه، فهي طلقة بدعية؛ لكن الذي عليه أكثر أهل العلم أن الطلاق البدعي واقع رغم حرمته، وهذا هو المفتى به عندنا، وانظري الفتوى رقم: 5584.

وأما الطلقة الثالثة التي كانت كتابة، فإن كان قاصدا بها الطلاق فقد وقعت، وحصلت البينونة الكبرى، وإن كان غير قاصد بها الطلاق، فقد اختلف أهل العلم في وقوع الطلاق بالكتابة هل هو كناية أوحكمه حكم اللفظ ؟

قال المرداوي: إذَا كَتَبَ صَرِيحَ الطَّلَاقِ، وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ: وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ......... وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَهَلْ يَقَعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ..... أَحَدُهُمَا: هُوَ أَيْضًا صَرِيحٌ، فَيَقَعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.

وهذا كله إذا كان الزوج يطلق مدركا مختارا، أما إذا طلق الزوج مغلوبا على عقله بسبب الوسوسة فطلاقه غير واقع، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 56096.
والذي ننصحك به أن تعرضي المسألة على المحكمة الشرعية، أو على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوقين في بلدكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني