الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى قول الأشاعرة ( كلام الله معنى واحد قائم بالنفس..)

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله أودو من سعادتكم ان توضحوا لي عن هذاالفقره؟ ( إثبات أن القرآن كلام الله حقيقة ).. أعجبني الموضوع جداً .. وزادني معلومات.. لكن فيه شيء أريد أن استفسر عنه..لأني أريد أن أزيد معلوماتي..أما الأشاعرة فذهبوا إلى أن الكلام معنى قائم بالنفس؛ قالوا: إن عبر عنه بالعربية فهو قرآن، وإن عبر عنه بالعِبرية فهو توراة، وإن عبر عنه بالسُريانية فهو إنجيل؛ هكذا يقولون.هذه الفقرة ما المقصود بها؟؟ هل المقصود أنهم يعتبرون كلام الله عزوجل في جميع الكتب واحداً لكن المختلف فيه اللغة؟؟والسلام عليكم ورحمة الله

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فما ذهب إليه الأشاعرة في هذه المسألة أمر لا يقبله العقل ولا يسوغه الشرع، وذلك قولهم: إن كلام الله معنى واحد قائم بالنفس، يستوي فيه الأمر والنهي والخبر والإنشاء، وهذا في غاية العجب، ويلزم منه أن :قل هو الله أحد هي بعينها :تبت يدا أبي لهب وتب ، ولا تقربوا الزنا
ثم قالوا عن هذا المعنى النفسي: إن عُبر عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلاً، وإن عبر عنه بالعبرية كان توراة.
ويلزم من هذا أن ما في القرآن من المعاني هو ما في التوراة والإنجيل، وهذا باطل يكفي في بطلانه مجرد تصوره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وجمهور العقلاء يقولون: إن فساد هذا معلوم بالضرورة بعد التصور التام، نحن إذا عربنا التوراة والإنجيل لم يكن معناهما معنى القرآن، بل معاني هذا ليست معاني هذا، وكذلك (قل هو الله أحد) ليس هو معنى (تبت يدا أبي لهب) ولا معنى آية الكرسي ولا آية الدين. انتهى من مجموع الفتاوى 12/122.
ثم هم يختلفون في المعبر من هو؟ فمنهم من يقول: المعبر هو جبريل، ومنهم من يقول: المعبر هو محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا مشابهة لمن قال عن القرآن: إنه قول البشر.
والحاصل أن الذي أوقع الأشاعرة في هذا الانحراف العجيب إنكارهم أن الله تعالى يتكلم بكلام ملفوظ مسموع بحرف وصوت، واختراعهم لهذا الوهم المسمى بالكلام النفسي الذي اخترعوا له هذه الصفات الباطلة: معنى واحد، يستوي فيه الأمر والنهي...... ألخ
وهذا مصير منهم إلى أن الله تعالى لا يتكلم حقيقة، إذ الكلام في لغة العرب هو اللفظ والمعنى، ومصير منهم إلى أن القرآن المتعبد بتلاوته مخلوق لم يتكلم به الله، وهذا ما صرح به بعض أئمتهم لكن قالوا: لا يقال هذا إلا في مقام التعليم، وهذا لدفع الشناعة عليهم، قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله- في روضة الناظر في مبحث الأمر: وزعمت فرقة من المبتدعة أنه لا صيغة للأمر، بناء على خيالهم أن الكلام معنى قائم في النفس، فخالفوا الكتاب والسنة وأهل اللغة والعرف، أما الكتاب فإن الله تعالى قال لزكريا:قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً*فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً [مريم : 10-11].
فلم يسم إشارته إليهم كلاماً. وقال لمريم:فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً [مريم:26]. فالحجة فيه مثل الحجة في الأول.
وأما السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عفا لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم أو تعمل به. ، وقال: وإذا قال الإمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين. ولم يرد بذلك ما في النفس.
وأما أهل اللسان فإنهم اتفقوا عن آخرهم على أن الكلام: اسم وفعل وحرف.
واتفق الفقهاء بأجمعهم على أن من حلف لا يتكلم فحدث نفسه بشيء دون أن ينطق بلسانه لم يحنث، ولو نطق حنث، وأهل العرف كلهم يسمون الناطق متكلماً ومن عداه ساكتاً أو أخرس.
ومن خالف كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الناس كلهم على اختلاف طبقاتهم فلا يعتد بخلافه.
انتهى كلام ابن قدامة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني