الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوفيق بين الإنفاق على الأسرة وأداء الدين

السؤال

لدي الكثير من الديون، ولدي أسرة كبيرة أعولها، وأعمل بكل وسعي لكي أسدد هذه الديون قبل الممات بإذن الله، ولكن كيف أوفق ما بين الإنفاق على أسرتي وما بين سداد الديون؟ هل كل ما أجده أنفقه في سداد الديون وأترك الأسرة أم أصرف الضروري للأسرة والباقي للديون ؟ خاصة أني أحياناً ما أجده لا يكفي لسداد أي دين، أي قليل ؟
وما هي نصيحتكم لي في كيفية السداد إذا كان مجال عملي لا يُدخل إلا القليل من المال، وأنا أفضل أن أعمل لكي أسدد ما دامت صحتي جيدة بحمد الله، ولا أطلب من أحد، ولا أطلب من أصحاب الديون العفو؛ لأن هناك قصورا مني تسبب في هذا الديون الكثيرة، وأريد أن أصححها.
أفيدوني أفادكم الله. وجزاكم الله خيراً كثيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما عن ترتيب النفقة وقضاء الدين، فإن نفقة من تلزم نفقته مقدمة على قضاء الدين.

جاء في مغني المحتاج من كتب الشافعية: ويباع فيها ـ أي نفقة القريب ـ ما يباع في الدين من عقار وغيره؛ لأن نفقة القريب مقدمة على وفاء الدين، وإذا بيع ذلك في الدين ففي المقدم عليه أولى.

فالواجب على من عليه دين وتلزمه مع ذلك نفقة، أن يبدأ بالنفقة وليكن ذلك بالمعروف من غير إسراف ولا تقتير، وما فضل بعد النفقة يصرفه في قضاء الدين.

أما عن كيفية قضاء هذا الدين: فإن الواجب في كل تكليف هو الوسع والطاقة، فأنت تبذل ما استطعت من جهد وتتخذ ما استطعت من وسيلة مشروعة، ولتستعن بالله على ذلك، ثم لا حرج؛ فإنما يلحق الحرج والإثم من أخذ الدين لا يريد قضاءه، أو قدر على قضائه ففرط في ذلك، أما من اقترض وهو ينوي القضاء ولم يفرط عند الاستطاعة فلا حرج عليه إن عجز أو تأخر، ومدرك ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري.

قال في منار الساري: أي من أخذ شيئاً من أموال الناس ديناً، أو وديعة يريد قضاء الدين وتسديده لصاحبه عند أوّل فرصة سانحة، كما يريد المحافظة على تلك الوديعة حتى يعيدها إلى صاحبها سالمة كاملة " أدّى الله عنه " أي يسّر الله له قضاء الدين في الدنيا، وهيأ له من أسباب الرزق ما يقضي به ذلك الدين، وإن مات ولم يتيسّر له قضاء ذلك الدين مع حسن نية، وصدق عزيمة وشدة رغبة في قضائه، ومات والدين باق عليه، فإن الله يؤدي عنه ذلك الدين في الآخرة بإرضاء غريمه عنه بما شاء أن يرضيه به.

وراجع الفتوى رقم: 152279 وهي في أدعية مأثورة في قضاء الدين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني