الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ينبغي لك هجر الخالة المسيئة للحفاظ على كرامة أمك

السؤال

كان عندي سؤال صغير: خالتي، أخت والدتي، منذ زمان وهي لا تحب والدتي؛ لأن والدتي كانت متفوقة في التعليم، وكانت بفضل الله يكون ترتيبها الأولى على المحافظة، وبعدها دخلت الجامعة، بينما خالتي لم تكن موفقة في التعليم، وأخدت دبلوما بصعوبة.
فطبعا كان اهتمام العائلة بأمي أكثر ، من يومها وهي لا تحب أمي أبدا.
المهم نحن نحاول أن نودها بكل الطرق، حتى آخر شيء، كنت قد تعبت ودخلت المستشفى، وكنت في العناية، وكنت في حالة موت، ولكن الله سلم، ولم تسأل عني، ولا حتى بالهاتف. ولما خرجت قلت لله أيضا ليست مشكلة، وكلمتها في الهاتف، وكيف حضرتك، وعامله ايه. بعدها بأسبوع، وهو الأسبوع الماضي كان فرح خالي، فكنا طبعا هناك.
المهم دخلت أمي، فلقيت خالتي موجودة، فبادرت بالسلام عليها، فللأسف خالتي أيضا عملت رد فعل سيء جدا.
فسؤالي حاليا: هل علي من بر لخالتي؟
وهل لو بريرتها يعتبر جحودا لأمي، لأن المفروض أن أدفع عنها كل سوء. وخالتي قد أساءت لأمي وأنا أكرمها، يعني أحد يهين أمي وأنا أكرمه! طبعا أمر غير مقبول.
فهل أبرها أو لا أو ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فشكر الله لك سعيك في بر خالتك، وصبرك على جفائها وهجرها لك ولأمك، ولتعلم أن في صينعك هذا رغم حزازته في النفس أجرا عظيما، فإن صلة القاطع، والصبر على أذاه له شأن عند الله تعالى، فنسأل الله أن يتقبل منك، وأن ثيبك على حسن الصنيعة هذا جزيل الثواب.

وراجع الفتوايين التاليتين: 17813 / 4417 .

ثم إن الخالة من آكد الأرحام قرابة، وأمسهم آصرة، وبرها وصلتها والإحسان إليها أمر أكيد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخالة بمنزلة الأم. متفق عليه.

وروى التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: إنِّي أَذْنَبْت ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ هَلْ لَك مِنْ أُمٍّ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ: هَلْ لَك وَالِدَانِ ؟ قَالَ لا . قَالَ: فَهَلْ لَك مِنْ خَالَةٍ ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَبِرَّهَا.

ونحن نرى أنه لا تعارض بين إحسانك إلى أمك وبرك بها، وبين صلتك لهذه الخالة، وليس فيه جحود لواجب أمك، بل على العكس نرى أنك بالمداومة على هذه الصلة وهذا الإحسان، والتغاضي عن الجفاء، قد تزيل العقد الدفينة، بينهما، ولا ينبغي لك أن تقطع هذه الخالة بحال؛ بل لو أمرتك أمك بذلك لم يكن لك أن تطيعها فيه، إذ لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق.

فخلاصة القول: أن سعيك هذا فعل حميد يذكر لك فيشكر، وعلى ما أنت فاثبت، فأنت إن شاء الله على سنن قويم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني