الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

في تونس لا يرتدي أغلبية الأولاد، والبنات في المعاهد سوى لباس الغرب.
فهل بارتدائي القميص الأفغاني(نوع من الثياب المحتشم الذي لا يجسد العورة، وليس باهظ الثمن كالألبسة الغربية) أو أي لباس محتشم آخر لإرضاء الله (والله عليم ما بالنفوس) يعتبر لباس شهرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان في بلدك من أنواع الثياب المباحة ما يلبسه البعض بحيث لا يستنكر لبسه، وتتوفر فيه ضوابط اللباس الشرعي، كستر العورة، وعدم التشبه بالكفار في ما يختصون به، ونحو ذلك ـ فعليك بلبسه وعدم الخروج عن المعتاد في بلدك؛ بعداً عن الشهرة والأذية.

قال ابن بطال في (شرح البخاري): الذي ينبغي للرجل أن يتزيا في كل زمان بزي أهله ما لم يكن إثما؛ لأن مخالفة الناس في زيهم ضرب من الشهرة. اهـ.
وقال ابن القاسم في (حاشية الروض المربع): قال ابن القيم: كان هديه صلى الله عليه وسلم في اللباس مما يسره الله ببلده ... وقال ابن عقيل: لا ينبغي الخروج عن عادات الناس إلا في الحرام. اهـ. ولئلا يحملهم على غيبته. وفي الغنية: الشهرة كالخروج عن عادة أهل بلده وعشيرته، فينبغي أن يلبس ما يلبسون، لئلا يشار إليه بالأصابع. اهـ.
وقال الدكتور ناصر الغامدي في رسالته للدكتوراة: (لباس الرجل أحكامه وضوابطه): لباس الشهرة يختلف من زمن لآخر، فما يُعد في زمن شهرة قد لا يعد في زمن آخر كذلك، وما يُعتبر شهرة في بلد أو مجتمع قد لا يكون كذلك في غيره من البلاد والمجتمعات. ومن الضوابط في لباس الشهرة ما يلي:

1 - أن يلبس الشخص خلاف زيّه ولباسه المعتاد لقصد الاشتهار، فان هذا تشهير بنفسه، وتفطين إليها، كما لو لبس الإنسان ثوبا مقلوبا أو لباسا لا يلبس مثُله مثله.

2 - أن يلبس الشخص خلاف زيّ أهل بلده من غير حاجة تدعو إلى ذلك ... اهـ.
وللشيخ بكر أبو زيد رسالة: (حد الثوب والأزرة، وتحريم الإسبال، ولباس الشهرة) تناول في آخرها موضوع ثوب الشهرة، ونبَّه على ما ذكرنا آنفا.
وجاء في فتاوى (اللجنة الدائمة): الأصل في أنواع اللباس الإباحة؛ لأنه من أمور العادات، قال تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) ويستثنى من ذلك ما دل الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال، والذي يصف العورة؛ لكونه شفافا يرى من ورائه لون الجلد، أو لكونه ضيقا يحدد العورة، لأنه حينئذ في حكم كشفها، وكشفها لا يجوز، وكالملابس التي هي من سيما الكفار الخاصة بهم، فلا يجوز لبسها لا للرجال ولا للنساء ... وليس اللباس المسمى بالبنطلون والقميص مما يختص لبسه بالكفار، بل هو لباس عام في المسلمين والكافرين في كثير من البلاد والدول، وإنما تنفر النفوس من لبس ذلك في بعض البلاد لعدم الإلف ومخالفة عادة سكانها في اللباس، وإن كان ذلك موافقا لعادة غيرهم من المسلمين. اهـ.
وراجع في ضابط ثوب الشهرة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 107346، 14805، 168433، 3442.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني