الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبل علاج الزوجة المهملة لزوجها والمتعالية عليه

السؤال

بالله عليكم أرجو النصح والمشورة, فقد تزوجت من فتاة, وأخذتها معي للعيش في أمريكا, ومرت الحياة بيننا بحلوها ومرها, وعلى مدى 17سنة رزقت منها ثلاث بنات, وبمرور الوقت بدأت أكتشف عدم اهتمامها بالأمور المنزلية, وعدم طاعتها لي في أغلب الأمور, ولا أذكر كم عدد المرات التي سمعتها تقول: (حاضر) أو (نعم), متمردة بكل معاني الكلمة, وجفافها العاطفي زاد الفجوة بيننا يومًا بعد يوم, لم تتزين يومًا حين أتواجد في البيت, ولم تستحم يومًا قبل الجماع, أشرت لها كثيرًا حتى جفَّ حلقي من الكلام, وبمرور الوقت زاد إهمالها لتربية البنات, وخاصة أننا نعيش في مجتمع لا يتبع أي إسلاميات, ولاحظت أن بناتي بدأن في الابتعاد عني بسبب تشويه صورتي أمامهن بصورة دائمة من قبل الأم؛ حتى أصبحن يكرهن أباهن الذي ضحى بعمره وبلده وأهله ليوفر لهن حياة راقية, وأحسست بالوحدة والغربة بين أهل بيتي, وكانت مغريات الحياة هنا دافعًا قويًا للبحث عن ما أفتقده من زوجتي من حب وحنان واهتمام؛ مما دعا لإقامة علاقة خاطئة, وأدعو الله أن يتقبل توبتي مما فعلت, وقامت المشاكل بيني وبين زوجتي, وقامت على إثرها باستخراج أمر من المحكمة بأن أترك بيتي وأعيش في الشارع تقريبًا, وأن لا أرى بناتي إلا بتصريح من الزوجة, وكما تعلمون فالقانون هنا لا يعرف الرحمة التي نعرفها في الإسلام, وكذلك لا يحترم الروابط الربانية, كصلة الرحم, وعلاقة الأب بأولاده, ومرت سبعة شهور وأنا أعيش بعيدًا عن الأسرة, وليس لي حقوق, بل كل ما أفعله هو العمل والصرف على الأسرة بأمر المحكمة, وحدث مؤخرًا أن أرسلت لي زوجتي قائمة بطلبات - كلها مادية بحتة - في سبيل التنازل عن القضايا التي رفعتها ضدي, مقابل عودتي لبيتي, وأنا أشعر بالامتهان, وأعرف أن كرامتي أصبحت ممتهنة, وخاصة أن زوجتي تشيع كل ما يحدث بيننا لكل الناس الأقرباء والأصدقاء, وحتى من لا تعرفهم, وأعلم أن الله سبحانه وتعالى تقبل توبتي من ما فعلت من أخطاء, ولكني أشعر بأن العيش مع هذه المرأة ليس بالقرار الصائب؛ نظرًا لسلوكياتها التي دمرت الأسرة, وأنها مجردة من كل رحمة وحب وحنان حتى تجاه بناتها, فهل الطلاق هو الحل؟ بالله عليكم أين الإجابة التي يرضاها الله سبحانه وتعالى, وأنا أعيش هكذا بلا زوجة أو أسرة أو أي حقوق من المتعة التي شرعها الله بالزواج وحرمتني منها هذه المرأة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقيمة الحياة الزوجية تكمن في قيام هذه الحياة على أساس من آداب الشرع الحكيم، فتعرف الزوجة لزوجها مكانته وقوامته عليها على أساس قول الله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ {النساء:34}، فتحترم المرأة زوجها, وتحفظه في نفسها, وتتزين له, وتطيعه في المعروف, ولا تتعالى عليه, وفي المقابل يرعى الزوج زوجته, ويحفظ لها مكانتها, ويتقي الله فيها, ويؤدي إليها حقوقها، وبذلك تتحقق مقاصد الإسلام في تشريع الزواج, وتسود المودة والرحمة بين الزوجين, ونرجو مطالعة الفتوى رقم: 27662 ففيها الحقوق الزوجية.

وإذا كان ما ذكرته عن زوجتك واقعًا فعلًا من أنها لا تطيعك في المعروف, فهي بذلك ناشز عاصية لله تعالى، والنشوز قد بين الشرع كيفية علاجه, وهو مبين بالفتوى رقم: 1103, والأدهى والأمر أن تقوم بطردك من بيتك, وعلى كل حال فلا يخفى أنه لا سبيل لك إلى تأديب زوجتك بعد أن تقوَّت عليك بالقانون، وهذا من الثمار المرة للإقامة في بلاد الكفر, والتي ينبغي لكل عاقل الوقوف عندها قبل أن يفكر في السفر للإقامة هنالك.

فالذي ننصحك به هو السعي إلى الصلح مع زوجتك, وتحمل ما قد يلحقك من ضيم في سبيل ذلك، ثم استدراجها للسفر لبلد مسلم والإقامة فيه؛ حتى تتمكن من استعمال حق القوامة عليها, وتربي أولادك على عقيدة وقيم الإسلام, فهذا هو طريق السلامة - إن شاء الله -.

وأما الطلاق: فهو من الحلول التي جاء بها الشرع، ولكن لا ينبغي المصير إليه إلا إذا سدت طرق الإصلاح، وكانت المصلحة الراجحة في الطلاق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني