الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلاق الحائض والطلاق بالثلاثة

السؤال

شيخنا الفاضل، أنا متزوج حديثا، واكتشفت أن لزوجتي علاقة مع خطيبها السابق على الإنترنت، فأنكرت ذلك، حتى عرضت عليها الأدلة فاعترفت، وقالت إنه يريدها أن تطلقني وترجع إليه لأنه يحبها، وهي لا تريد ذلك. فما كان مني إلا أن طلقتها قائلا: أنت طالق، طالق، طالق، وكانت حائضا، ولم أكن أعلم حرمة هذا الطلاق، ولم أكن في حالة من الغضب الشديد بل المتوسط أو ربما الخفيف. والله أعلم. وحاولت استدرار عطفي بالدموع، فقلت لها: أنت طالق طلقة بائنة لا رجعة فيها. ثم خرجت من غرفتنا في الفندق وعادت إلى بيت أهلها. وفي اليوم الثاني أتتني في الفندق فقابلتها بالقول: أنت طالق مائة مرة، وألف مرة، ومليون مرة؛ ومستحيل أن أرجعك إلى عصمتي.
وفي اليوم الثالث ذهبنا إلى مكتب المحاماة للطلاق، فأقنعتني المتدربة بعدم الطلاق وهكذا، فقد ذهبت إلى مكتب مفتي تونس، وحكيت له عن القصة فقال لي: هي طلقة واحدة إذا كانت الثانية تأكيدا للأولى، فقلت له: لا أعتقد أنها تأكيد بل كانت نيتي عدم إرجاع زوجتي على الإطلاق، فقال إذن هي طلقتان. وللتأكد ذهبت إلى جامع الزيتونة حيث قابلت أحد الفقهاء المدرسين الذي أكد ما قاله مكتب مفتي تونس. فعدنا إلى الفندق وقلت لها راجعتك دون شاهدي عدل، ثم جامعتها. وبعدها عدت إلى الإنترنت ووجدت كما هائلا من المعلومات المتناقضة حول حالتي من شيوخ في مصر والسعودية وغيرها. وأنا لا أدري إذا كان طلاقا رجعيا أم لا. أي هل نيتي في عدم إرجاعها وتكرار طلاقي هو نهائي أم يعتبر طلقتان كما قيل لي. ثم بعد يومين تكلمت مع زوجتي وقلت لها مستحيل أعيش معك والشكوك تأكلني، والأفضل أن تبحثي عن زوج، أو تعودي إلى خطيبك، ومن الأفضل أن يذهب كل منا في طريقه، وكلام من هذا القبيل. وفي نيتي أن أطلقها دون أن أتلفظ بالطلاق، وقد فهمت هي ذلك وطلبت منحها فرصة أخيرة.
فهل يعتبر كلامي هذا بمثابة طلاق؟
أرجوكم التكرم بالرد السريع، فأخشى أن تكون طالقا بالثلاث, جزاكم الله خيرا.
ملاحظة: حلفت على المصحف أنها لم تخني، وأنا أشك في أنها قالت الحقيقة. والله وحده أعلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي يظهر لنا من سؤالك، وطبقا للمفتى به عندنا، فإنك أوقعت على زوجتك ثلاث تطليقات (على الأقل) قبل هذه المرة الأخيرة. وبذلك تكون زوجتك بائنا منك بينونة كبرى بغض النظر عن العبارة الأخيرة، لكن إن كان أهل العلم قد أفتوك بوقوع طلقتين فقط اعتمادا على أقوال بعض أهل العلم في الطلاق البدعي أو نحو ذلك، فعملت بقولهم، فالذي يظهر لنا – والله أعلم- أن قولك لزوجتك : " مستحيل أعيش معك" و "الأفضل أن تبحثي لك عن زوج" كنايات في الطلاق؛ لأنها تحتمل معنى الطلاق، وقد ذكر أهل العلم أمثلة للكنايات الظاهرة بمثل هذه العبارات.

قال الحجاوي الحنبلي (رحمه الله) ممثلا للكنايات الظاهرة: " .......وتزوجي من شئت، وحللت للأزواج، ولا سبيل لي عليك، ولا سلطان لي عليك. الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل.

وعليه، فما دمت تلفظت بهذه العبارات قاصدا الطلاق، فقد وقع؛ فتكون هذه الطلقة المكملة للثلاث، وتكون زوجتك قد بانت منك بينونة كبرى، فلا تحل لك إلا إذا تزوجت زوجا غيرك –زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد، ثم يطلقها، أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.

والأولى في هذه المسائل أن تعرض على المحكمة الشرعية، أو على من تمكن مشافهته من أهل العلم الموثوقين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني